هو أعلم بكم قبل أن يخلقكم: {إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} قال: يريد ما كان من خلق آدم ميت تراب (¬1).
قوله تعالى: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} أجنة جمع جنين، وهو الولد ما دام في البطن، سمي جنينًا لأنه مستور، ومنه سمي المدفون جنينًا لأنه مستور بالتراب، قال عمرو:
وَلاَ شَمْطَاءُ لم يترك شقَاها ... لَهَا من تسعةٍ إلا جَنينا (¬2)
أي إلا دفينًا في قبره.
قال الحسن: علم الله من كل نفس ما هي عاملة وما هي صانعة وإلى ما هي صائرة (¬3)، وقال الفراء: هو أعلم أولاً وآخرًا (¬4).
{فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} قال الكلبي، ومقاتل: كان ناس يقولون: صلينا وصمنا وفعلنا وفعلنا، فأنزل الله {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} (¬5)، قال الفراء: لا يقولن أحدكم عملت كذا وفعلت كذا (¬6)، فعلى هذا معناه النهي عن الاعتداد بالأعمال.
وقال آخرون: معناه لا تبرؤوها ولا تمدحوها، يدل على هذا ما روى أن زينب بنت أبي سلمة (¬7) قالت: سميت برة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزكوا
¬__________
(¬1) انظر: "الوسيط" 4/ 252، و"معالم التنزيل" 4/ 253.
(¬2) ورد في "ديوانه" 367، و"شرح المعلقات السبع" للزوزني ص 98.
(¬3) انظر: "معالم التنزيل" 4/ 253، و"الجامع لأحكام القرآن" 17/ 110.
(¬4) انظر: "معاني القرآن" 3/ 100.
(¬5) انظر: "تفسير مقاتل" 131 ب، و"الكشف والبيان" 12/ 14 أ، و"معالم التنزيل" 4/ 253.
(¬6) انظر: "معاني القرآن" 3/ 100.
(¬7) زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومة، ربيبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخت عمر، =