كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

38 - {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وأَنْ على هذا القول في محل النصب بقوله: (وفي) (¬1).
وقال آخرون: معنى: (وفي) أكمل ما يجب لله تعالى عليه بالطاعة في كل ما أمر وامتحن به من ذبح الولد والإلقاء في النار والكلمات التي ابتلي بها في قوله: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: 124] الآية، والاختتان، ومناسك الحج التي أمر بها، وفاها كلها وأتمها بالطاعة والصبر، فأثنى الله تعالى عليه لقيامه بجميع ذلك بقوله: (وفي)، وهذا قول جماعة من المفسرين (¬2)، وهو اختيار أبي إسحاق، وعلى هذا موضع أَنْ في قوله: {أَلَّا تَزِرُ} خفض على البدل من قوله: {بِمَا في صُحُفِ}، والمعنى: ألم ينبأ بأن لا تزر، وقال: يجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار هو، كأنه لما قيل: بما في صحف موسى، قيل: ما هو؟ فقيل: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ومعناه: أن لا تؤخذ نفس بإثم غيرها (¬3).
قال عكرمة عن ابن عباس: لا يؤخذ الرجل بذنب غيره (¬4)، وفي هذا إبطال لقول من قال للوليد بن المغيرة: أعطني شيئًا وأحمل عنك ذنوبك. أخبر الله تعالى أنه لا يؤخذ أحد بجناية غيره، وأن هذا مما أنزل على
¬__________
(¬1) انظر: "تنوير المقباس" 5/ 300، و"تفسير مجاهد" 2/ 632، و"تفسير مقاتل" 131 ب، و"جامع البيان" 27/ 42 - 43، و"معاني القرآن" للفراء 3/ 101، و"تفسير غريب القرآن" ص 429.
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 101.
(¬3) انظر: "جامع البيان" 24/ 43 عن ابن عباس، وإبراهيم النخعي والقرظي، و"الكشف والبيان" 12/ 15 ب، و"معالم التنزيل" 4/ 254، و"الدر" 6/ 129.
(¬4) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 75، و"إعراب القرآن" للنحاس 3/ 273، و"مشكل إعراب القرآن" 2/ 694.

الصفحة 66