كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

43 - قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} أكثر المفسرين على أن هذا عام في كل ضحك وبكاء، يدل عليه ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- على قوم يضحكون فقال: "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلاً" فنزل عليه جبريل فقال: إن الله -عز وجل- يقول: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} فرجع إليهم، فقال: "إن الله هو أضحك وأبكى" (¬1).
وهذا يدل على أن كل ما يعمله الإنسان بقضائه وإرادته وخلقه حتى الضحك والبكاء، وكذلك ما روي عن جبار الطائي (¬2) قال: شهدت جنازة أم مصعب (¬3) وفيها ابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر، وابن عباس يقاد على أتان له، فمرا وفي الجنازة صوارخَ فقلت: يا أبا عباس: تفعل هذا؟ قال: دعنا منك يا جبار فإن الله هو أضحك وأبكى (¬4).
ومن المفسرين من خصَّ؛ وهو قول الكلبي. قال: أضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار (¬5)، ومنهم من حمل الضحك والبكاء على المجاز، وهو قول عطاء بن أبي مسلم قال: معناه أفرح وأحزن؛ لأن الضحك يجلبه
¬__________
(¬1) أخرجه الثعلبي في "تفسيره" 12/ 18 أ، والواحدي في "أسباب النزول" ص 461. وأخرجه ابن مردويه عنها. انظر: "إحياء علوم الدين" 4/ 450، و"الجامع لأحكام القرآن" 17/ 116، و"الدر" 6/ 300.
(¬2) جبار بن القاسم الطائي، روى عن ابن عباس، وعنه أبو إسحاق، ضعفه الأزدي وذكره ابن حبان في "الثقات" بروايته عن ابن عباس. انظر: "لسان الميزان" 2/ 120.
(¬3) هي الرباب بنت أنيف الكلبية انظر: "طبقات ابن سعد" 5/ 182، و"سير أعلام النبلاء" 4/ 141.
(¬4) لم أجده.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 101، و"جامع البيان" 27/ 44، و"البغوي" 4/ 255.

الصفحة 71