كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

والاكثرون قالوا: أقنى قنّع ورضّى بما أعطى الفقير، وهو قول مجاهد، ومقاتل، ورواية عكرمة عن ابن عباس (¬1)، والقول الأول اختيار أبي عبيدة، والمبرد، وابن الأعرابي، قال أبو عبيدة، والمبرد: أغنى أقوامًا وجعل لهم قنية وهي أصل المال (¬2) من أي مال كان.
وقال ابن الأعرابي: أقنى أعطاه ما يدخر بعد الكفاية (¬3)، وأبو إساق ذكر القولين (¬4)، وهما يرجعان إلى أصل واحد.
قال الليث: يقال: قنيت به، أي: رضيت، وأقنيت لنفسي مالاً، أي: جعلته قنية أرتضيه، وأنشد للمتلمس:
وألقيته بالثّني من جَنْبِ كافرٍ ... كذلك أقْنُو كلَّ قِطّ مُضَلِّلِ (¬5)
قال: أقنو بمعنى أرضى. وقال غيره: أقنو ألزم وأحفظ (¬6)، فالاقتناء يتردد بين أصلين.
أحدهما: الرضا، وذلك أن الإنسان لا يقتني إلا ما يرتضيه، فعلى هذا أصل القولين الرضا، والآخر: الحفظ واللزوم، ومنه يقال: قنا الحياء، إذا لزمه، ومنه قول الشاعر:
¬__________
(¬1) انظر: "تنوير المقباس" 5/ 301، و"تفسير مجاهد" 2/ 632، و"تفسير مقاتل" 132 أ. وفي "صحيح البخاري" قال: ابن عباس: (أغنى وأقنى) أعطى وأرضى، و"كتاب التفسير" سورة النجم 6/ 175.
قال ابن حجر: وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة، و"فتح الباري" 8/ 606.
(¬2) في (ك): (مال) وانظر: "مجاز القرآن" 2/ 238.
(¬3) انظر: "تهذيب اللغة" 9/ 313، و"اللسان" 3/ 177 (قنا).
(¬4) انظر: "معاني القرآن" 5/ 76.
(¬5) البيت ورد في "تهذيب اللغة" 9/ 312، و"اللسان" 3/ 177 (قنا)، و"الخزانة" 3/ 23، و"المذكر والمؤنث" ص 416.
(¬6) انظر: "تهذيب اللغة" 9/ 314 (قنا).

الصفحة 74