كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

فأقْنَى حياءَك لا أبالَكِ إنني ... في أرض فارس موثقٌ أحوالًا (¬1)
والقنية ما يلزمها الإنسان ويحفظها. وعلى هذا الأصلان مختلفان. قال الضحاك، والحسن، وقتادة: أغنى في المال وأقنى في الخدم (¬2)، وهؤلاء خصوا الاقتناء بإعطاء الخدم.
وأما ما روي عن ابن زيد أنه قال: أغنى أكثر وأقنى أقل (¬3)، ولا وجه لقوله أقنى أقل في اللغة، إلا أن يقال: معناه رضي بالفليل كما ذكره الأكثرون فترك ذلك الرضا واقتصر على القلة.

49 - قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} قال جماعة المفسرين: هي كوكب خلف الجوزاء يقال لها مرزم الجوزاء، وهي الشعرى العبور، وكانت خزاعة تعبدها، فقال الله: أنا رب الشعرى فاعبدوني، وإنما سميت العبور لأنها عبرت المغيرة فقطعت عرضًا وهما الشعرتان، يقال لأحدهما: العبور وللأخرى الغميضاء، وسميت الغميضاء؛ لأن العرب تقول: إن سهيلًا والشعرتين كانت مجتمعة فانحدر سهيل فصار يمانيًا فتبعته الشعرى العبور فعبرت المغيرة وأقامت الغميضاء فبكت لفقد سهيل حتى غمضت عيناها فسميت الغميضاء (¬4).
¬__________
(¬1) انظر: "اللسان" 3/ 177 (قنا) وقال أنشده ابن بري ولم ينسبه لقائل.
(¬2) انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 254، و"جامع البيان" 27/ 45.
(¬3) انظر: "جامع البيان" 27/ 45، وفي "معالم التنزيل" 4/ 256، و"الجامع" للقرطبي 17/ 119، نسبه للأخفش وهو قول الحضرمي أيضًا.
وقال ابن كثير معقبًا على هذا القول: وهما بعيدان من حيث اللفظ، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 259. وقال أبو حيان في "البحر المحيط" 8/ 169: وقد تكلم المفسرون على ذلك فقالوا اثني عشر قولًا كقولهم: أغنى نفسه وأفقر خلقه إليه، وكل قول منها لا دليل على تعيينه، فينبغي أن تجعل أمثلة.
(¬4) انظر: "الجمهرة" 2/ 342، و"الكفش والبيان" 12/ 19 أ - ب، قال الآلوسي في =

الصفحة 75