كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

58 - قوله تعالى: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} ذكر المفسرون فيه قولين: قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد ليس أحد من شركائكم من يرد ذلك، ونحو هذا قال الضحاك: ليس من دون الله من آلهتهم كاشفة (¬1).
ومعنى الكشف في اللغة رفع الشيء عما يواريه، والمعنى على هذا القول أن القيامة إذا غشيت الخلق بشدائدها وأهوالها لم يكشفها أحد من آلهتهم، أي: أنها لا تنجيهم منها، ويدل على صحة هذا المعنى أن القيامة سميت غاشية فلما كانت في غاشية كان ردها كشفًا كما يقال في الدعاء: اللهم اكشف عنا الهموم والأحزان، والكاشفة على هذا القول نعت مؤنث محذوف على تقدير: نفس كاشفة، أو جماعة كاشفة، وهذا معنى قول قتادة: ليس لها من دون الله راد (¬2).
ويجوز أن تكون الكاشفة مصدرًا كالخائنة والعاقبة والعافية، فإذا قدرتها مصدرًا كان المعنى ليس لها من دون الله كشف، أي: لا يكشف عنها غيره. بمعنى لا يبديها ولا يظهرها ولا يزيل عنها ما يسترها، وهو معنى قول مقاتل: لا يكشفها أحد إلا الله، قال: يعني الساعة الله الذي يكشفها.
ويدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187] وهذا القول اختيار الزجاج (¬3) والفراء، وهو قول الكلبي، قال: ليس لها من يكشف عن علمها إلا الله (¬4)، وإذا كشف عن علمها فقد كشف عنها.
¬__________
(¬1) انظر: "الوسيط" 4/ 205، و"معالم التنزيل" 4/ 257، و"الدر" 6/ 131.
(¬2) انظر: "الكشف والبيان" 12/ 20 أ، و "معالم التنريل" 4/ 257، و"الجامع لأحكام القرآن" 17/ 122.
(¬3) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 78.
(¬4) لم أجد هذا القول، وهو ظاهر المعنى.

الصفحة 82