كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 21)

قال الفراء: وتأنيث كاشفة كقولك له: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} (¬1) يريد من بقاء. والعافية والعاقبة، كل هذا في معنى المصدر (¬2).

59 - قوله تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} قال جماعة المفسرين: يعني: القرآن.
قال أبو إسحاق: أي مما يتلى عليكم من كتاب الله تعجبون (¬3).
قال مقاتل: تعجبون تكذيبًا به (¬4)، والمعنى: تعجبون من إنزاله على محمد -صلى الله عليه وسلم- فتكذبون به كما قال: {بَلْ عَجِبُوا ...} الآية [ق: 2].
وقال أهل المعاني: يجوز أن يكون معنى الحديث هاهنا ما ذكر من حديث القيامة (¬5)، والكفار كانوا يكذبون بها ويعجبون من وقوعها، أي: وقعت عندهم يدل على هذا قوله:

60 - {وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} أي: تستهزئون ولا تبكون خوفًا منها. وعلى قول المفسرين: ولا تبكون مما فيه من الوعيد.
روى أبو الخليل (¬6) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما رئي ضاحكًا إلا تبسمًا بعد نزول هذه الآية (¬7).
¬__________
(¬1) في "معاني القرآن" للفراء: ما لفلان باقية، وما ذكره المؤلف هو قوله تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [سورة الحاقة: 80].
(¬2) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 103.
(¬3) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 78.
(¬4) انظر: "تفسير مقاتل" 132 ب.
(¬5) انظر: "التفسير الكبير" 29/ 27.
(¬6) هو صالح بن أبي مريم الضبي، أبو الخليل، وثقه ابن معين، والنسائي، وأغرب أبو عبد الله بن عد البر فقال: لا يحتج به. انظر: "تقريب التهذيب" 1/ 363، و"سير أعلام النبلاء" 4/ 479، و"طبقات ابن سعد" 7/ 237، و"تهذيب التهذيب" 4/ 204.
(¬7) رواه الإمام أحمد في "الزهد"، وابن أبي شيبة في "المصنف" 13/ 234, =

الصفحة 83