شترت عينه وشترتها أنا (¬1) وحزن وحزنته (¬2) , والأول أكثر وأوسع؛ لأنه يقال: زلق من موضعه وأزلقته أنا فينقل الفعل بالهمزة. والمفسرون بعضهم علي أن هذه الآية نزلت في قصد الكفار أن يصيبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعين، وكانوا ينظرون إليه نظرًا شديدًا ويقولون (¬3): ما رأينا مثله ولا مثل حججه، يريدون أن يصيبوه (¬4) بالعين. وهذا قول الكلبي ومن تابعه (¬5).
قالوا: ذكر الله شدة نظرهم إليه للإصابة بالعين. وأما أهل التحقيق من المفسرين وأصحاب العربية فإنهم ذهبوا إلى غير هذا. قال الفراء: إن كادوا ليزلقونك. أي ليرمونك ويزيلونك (¬6) عن موضعك بأبصارهم، كما يقال: كاد يصرعني لشدة نظره إليّ. وهو بين من كلام العرب كثير (¬7).
وقال المبرد: أي يحدون النظر إليك حتى يكاد يزلقك نظرهم. وهذا كلام معروف عند العرب.
وقال أبو إسحاق: مذهب أهل اللغة والتأويل أنهم من شدة إبغاضهم
¬__________
(¬1) الشتر: انقلاب في جفن العين قلما يكون خلقة. والشتر مخففة: فعلك بها. "اللسان" 2/ 268 (شتر).
(¬2) لغتان: تقول: حزنني يحزنني حزنًا فأنا محزون. ويقولون: أحزنني فأنا محزن وهو محزن. "اللسان" 1/ 627 (حزن).
(¬3) (ك): (قال ويقولون).
(¬4) (ك): (يصيبونه).
(¬5) وهو قول قتادة، والنضر بن شميل، والأخفش، والسدي، وغيرهم.
انظر: "جامع البيان" 29/ 30، و"الكشف والبيان" 12/ 173/ ب، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 409، ورجحه.
(¬6) (ك): (ويزلقونك).
(¬7) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 179.