كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 22)

وقال الضحاك: يعني به خيار المؤمنين (¬1). ولفظ الآية على ما قال. ونحو ذلك قال الكلبي: هم المخلصون الذين ليسوا بمنافقين (¬2).
قال الفراء: وصالح المؤمنين مثل أبي بكر وعمر، الذين ليس فيهم نفاق، وهو موحد في مذهب جمع كما تقول: لا يأتيني إلا سائس الحرب، فمن كان ذا سيسة للحرب فقد أمر بالمجيء واحداً كان أو أكثر (¬3).
وقال الزجاج: وصالح المؤمنين هاهنا ينوب عن الجميع كما تقول: يفعل هذا الخيرُ من الناس؛ تريد كل خيّر (¬4)، هذا كلامهما. وقد حصل أن قوله: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} يجوز أن يراد به الواحد والجماعة، ثم الكلام في التعيين والتفصيل يكون إلى المفسرين على ما حكينا عنهم.
وقال قتادة وسفيان: صالح المؤمنين هم الأنبياء (¬5). وعلى هذا معنى الآية: أن الأنبياء يوالونه وهم له أولياء، كما أن الله تعالى وليه وجبريل وليه. أي فلا يضره معاداة من عاداه.
وأظهر هذه الأقوال قول من قال: إن المراد بصالح المؤمنين أبو بكر وعمر؛ لأن الخطاب في هذه الآية لابنتيهما عائشة وحفصة، وكأنه قيل لهمما: إن تعاونتما على إيذاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن أبويكما لا يوافقانكما ولا
¬__________
(¬1) انظر: "جامع البيان" 28/ 105، و"التفسير الكبير" 30/ 44.
(¬2) انظر: "الكشف والبيان" 12/ 151 أ، و"معالم التنزيل" 4/ 366.
(¬3) انظر: "معاني القرآن" 3/ 167.
(¬4) انظر: "معاني القرآن" 5/ 193.
(¬5) انظر:"تفسير عبد الرزاق" 2/ 302، و"جامع البيان" 28/ 105.
قلت: وهذا المعنى بعيد عن ظاهر الآية، وأي فائدة في موالاة الأنبياء عليهم السلام لنبينا -صلى الله عليه وسلم- في هذه القصة، والله أعلم.

الصفحة 18