كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 22)

يتظاهران معكما، فإنهما وليا رسول الله (¬1).
قوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ} قال مقاتل: بعد الله وجبريل وصالح المؤمنين: {ظَهِيرٌ} قال يعني: أعوان النبي -صلى الله عليه وسلم- (¬2).
قال أبو عبيدة، والفراء، والزجاج: وظهير في معنى ظهراء، وهذا من الواحد الذي يؤدي عن الجمع (¬3) كقوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، وقد ذكرنا هذا في مواضع. قال الفراء: والملائكة بعد نصرة هؤلاء ظهير (¬4). قال أبو علي: وقد جاء فعيل مفردًا يراد به الكثرة، كقوله: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ} [المعارج:10 - 11]، فدل عود الذكر
¬__________
(¬1) قال الآلوسي: (... وهما وزيراه وظهيراه في تدبير أمور الرسالة وتمشية أحكامها الظاهرة مع أن بيان مظاهرتهما له عليه السلام أشد تأثيرًا في قلوب بنتيهما وتوهينًا لأمرهما). انظر: "روح المعاني" 287/ 154.
قلت: وممن قال بعموم اللفظ ابن جرير والنحاس وغيرهما.
انظر: "جامع البيان" 28/ 108، و"روح المعاني" 28/ 154.
وقال النحاس: فمن أصح ما قيل فيه أنه لكل صالح من المؤمنين، ولا يخص به واحد إلا بتوقيف. "إعراب القرآن" 3/ 462، وفي "تنوير المقباس" 6/ 98 قال: (جملة المؤمنين المخلصين أعوان له عليكما مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم- ومن دونهم ...).
وعلى هذا فحمل الآية على عمومها أولى وآكد والصديق والفاروق أولى الناس بنصرة النبي وموالاته، ولو فرض -وهو محال- أنهما نصرا ابنتيهما فبقية المؤمنين في نصرة النبي ومؤازرته -صلى الله عليه وسلم-. وهذا أبلغ في حق عائشة وحفصة -رضي الله عنهما-.
(¬2) انظر: "تفسير مقاتل" 160 أ، و"معالم التنزيل" 4/ 366.
(¬3) انظر: "مجاز القرآن" 2/ 261، و"معاني القرآن" 3/ 167، و"معاني القرآن" للزجاج 5/ 193.
(¬4) انظر: "معاني القرآن" 3/ 167.

الصفحة 19