من ذلك الذنب ألا يعود إليه أبدًا. هذا كلامه (¬1). والمعنى: توبة تنصح صاحبها بترك العود إلى ما تاب منه. وهذا معنى قول قتادة وسعيد بن المسيب قالا (¬2): هي الصادقة الناصحة، ينصحون بها أنفسهم (¬3).
وروي عن عاصم (نصوحًا) بضم النون (¬4). قال الفراء: أراد المصدر مثل القعود. ونحو ذلك قال المبرد (¬5) والزجاج. يقال: نصحت لهم نصحًا ونصاحة ونصوحًا (¬6)، ويحتمل المصدر هاهنا معنيين:
أحدهما: أنه أراد توبة ناصحة، يسمى الفاعل باسم المصدر.
ويجوز أن يريد به توبة ذات نصوح. وقال أبو زيد نصحته: صدقته، وتوبة نصوح: صادقة (¬7). وأما قول المفسرين فإنهم كلهم على أن التوبة النصوح هي التي لا يعاود صاحبها بعدها الذنب.
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: التوبة النصوح أن يجتنب الرجل عمل السوء ثم لا يعود إليه أبدًا (¬8).
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" 3/ 168.
(¬2) في (س): (هذا قالا).
(¬3) انظر: "جامع البيان" 28/ 108، و"الكشف والبيان" 12/ 151 أ، و"الدر" 6/ 245.
(¬4) قرأ عاصم {نُصُوحًا} بضم النون، وقرأ الباقون {نَّصُوحًا} بفتحها. انظر: "حجة القراءات" ص 714، و"النشر" 2/ 388، و"الاتحاف" ص 419.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 168، و"الحجة للقراء السبعة" 6/ 303، و"الكشف والبيان" 12/ 151 أ.
(¬6) انظر: "معاني القرآن" 5/ 194.
(¬7) انظر: "تهذيب اللغة" 4/ 250، و"اللسان" 3/ 646 (نصح).
(¬8) أخرجه ابن جرير 28/ 108، وابن أبي حاتم، والحاكم 2/ 495، وصححه، وعبد الرزاق. انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 303، و"الدر" 6/ 245.