ومقاتل (¬1): ليعلم محمد أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة كما بلغ هو الرسالة، وعلى هذا "اللام" في قوله: "ليعلم" يتعلق بمحذوف يدل عليه الكلام؛ كأنه قيل: أخبرناه بحفظنا الوحي؛ ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حالته من التبليغ بالحق والصدق.
ويجوز أن يكون المعنى: ليعلم الرسول أن قد بلغوا، إلى جبريل، والملائكة الذين يبعثون إلى الرسل، أبلغوا رسالات ربهم، فلا يشك فيها، ويعلم أنها حق من الله (¬2).
والمعنى: حفظنا الرسول من الشياطين ليعلم أن الذين أتوه أبلغوا رسالات ربهم، وهذا تأكيد لقول الضحاك ومقاتل في الآية الأولى.
ويجوز أن يكون المعنى: ليعلم الرسل أنهم بلغوا رسالات ربهم على التحقيق من غير شك فيها؛ إذ كانوا محروسين عن الشياطين، فالذي يبلغونه (¬3) الخلق هو رسالات ربهم لا غير، وهي واصلة إليهم، ولم تصل إلى غيرهم.
وعلى هذا إنما قال: "أبلغوا". لأن المراد بقوله: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ (¬4) رَسُولٍ} الجمع، ويدخل فيه كل رسول ارتضاه الله.
ويجوز أن يكون المعنى: ليعلم الله أن قد أبلغوا يعني الرسل. وهذا
¬__________
(¬1) "التفسير الكبير" 30/ 170، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 29.
(¬2) وهو معنى قول ابن عباس، وابن جبير. انظر: "جامع البيان" 29/ 23، و"النكت والعيون" 6/ 123. وقال به ابن قتيبة في: "تفسير غريب القرآن" 492، والفراء في: "معاني القرآن" 3/ 196.
(¬3) غير واضحة في: (ع).
(¬4) قوله: إلا من ارتضى: بياض في: (ع).