كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 22)

وقال قتادة: خلق الله النجوم لثلاث: زينة للسماء، وعلامات يهتدى بها، ورجومًا للشياطين (¬1)؛ فذلك قوله: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} قال ابن عباس: يرجم بها الشياطين الذين يسترقون السمع (¬2).
قال أبو علي: فإن قيل: كيف يجوز أن تكون المصابيح زينة مع قوله: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}، فالقول إنها إذا جعلت رجومًا (¬3) لهم لم تزل فتزول الزينة بزوالها، ولكن يجوز أن ينفصل منها نور يكون رجمًا للشياطين كما ينفصل من السرج وسائر ذوات الأنوار ما لا يزول بانفصالها منها صورتها (¬4). وهذا كما قال بعض أهل المعاني: ينفصل من الكوكب شهاب نار (¬5)، وهذا كقوله: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} الآية [الحجر: 16]، وقوله: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا ...} الآية [الصافات: 6].
قوله تعالى: {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ}، أي: في الآخرة {عَذَابَ السَّعِيرِ} قال المبرد: سعرت النار فهي مسعورة وسعير، كقوله: مفتولة وفتيل (¬6).

7 - قوله: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} قال مقاتل: صوتًا مثل أول
¬__________
(¬1) أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم، وفيه زيادة قوله: (فمن يتأول منها غير ذلك فقد قال برأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به). انظر: "جامع البيان" 12/ 29/ 3، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 396.
(¬2) انظر: "الكشف والبيان" 2/ 156 ب، و"معالم التنزيل" 4/ 370، ولم ينسب لقائل، وهو ظاهر.
(¬3) في (س): (رجومًا) زيادة.
(¬4) انظر: "التفسير الكبير" 30/ 59، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 211.
(¬5) انظر: "روح المعاني" 29/ 9.
(¬6) انظر: "التفسير الكبير" 30/ 62.

الصفحة 46