جبير (¬1)، ومجاهد (¬2)، وقتادة (¬3)، والجميع (¬4)، (وهذا كقوله: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} [النور: 24]، وقوله: {وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} [يس: 65]، وقوله: {عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ} [فصلت: 20]. فأعلم الله أن هذه الجوارح شواهد على الإنسان) (¬5).
قال الفراء: يقول على الإنسان من نفسه بصيرة -يعني- رقباء يشهدون عليه بعمله: اليدان، والرجلان، والعينان، والذكر (¬6).
فأمَّا تأنيث (البصيرة) فيجوز أن يكون؛ لأن المراد بالإنسان -هاهنا -
¬__________
(¬1) "تفسير مقاتل" 218/ أ، وانظر السابق، وانظر: "التفسير الكبير" 30/ 222.
(¬2) لم أعثر على مصدر لقوله.
(¬3) لم أعثر على مصدر لقوله. وانظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 334، و"جامع البيان" 29/ 185، و"ابن كثير" 4/ 478.
(¬4) وإلي هذا ذهب أيضا ابن قتيبة. انظر: "تفسير غريب القرآن" 500، وذكر الطبري وغيره قولًا آخر في معنى: (بصيرة) قال: معناه بصير بعيوب الناس غافل عن عيب نفسه فيما يستحقه لها وعليها من ثواب وعقاب. وهذا قول الحسن، وقتادة. انظر: "جامع البيان" 29/ 185، و"النكت والعيون" 6/ 154، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 99. كما ذكر القرطبي قولًا ثالثًا، قال: وقيل: المراد بالبصيرة: الكاتبان اللذان يكتبان ما يكون فيه من خير وشر. قاله ابن عباس. "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 98، وانظر: "المحرر الوجيز" 5/ 404، وبهذين القولين يتبين أن ليس الجميع قال بما ذكره الواحدي، وإن كان القول الثالث يدخل ضمن شهادة الجوارح والنفس عليه، وهذا من منهج الواحدي في تقريره للإجماع أو العزو إلى المفسرين أو الجميع، فما خالف الجمع فإنه لا يعتبره مخالفًا بل قول منفرد لا يؤثر على الإجماع، والله أعلم.
(¬5) ما بين القوسين نقله بتصرف عن الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 252 - 253.
(¬6) "معاني القرآن" 3/ 311 بنصه.