كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 22)

{لَا تُحَرك بِهِ لِسَانَكَ}، إنا سنحفظه عليك. وهذا في المعنى مثل قوله: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: 114]، وليس المراد بقوله: {جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} القرآن الذي هو اسم التنزيل، وإنما أضمر [في قوله: {لَا تُحَرِك بِهِ لِسَانَكَ}، وإن لم يجر له ذكر لدلالة الحال عليه، كما أضمر] (1) في قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} [القدر: 1]، وإن كان أول سورة، ولم يجر له ذكر، وإذا كان الذكر المضاف إليه المصدر في قوله: (وقرآنه) راجعًا إلى التنزيل ثبت أن المصدر ليس عبارة عنه؛ لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه، ألا ترى أنك لا تقول: رجلُ زيدٍ، وأنت تعني بـ: (رجل) زيدًا (2) نفسه، وإنما أضيف المصدر إلى المفعول هاهنا: المعنى: جمعنا إياه، وقراءتنا إياه. وكذلك التقدير في قوله: {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}، ومجاز الآية على قول أبي عبيدة: جمعه وتأليف بعضه إلى بعض (3)، من قوله: (ما قرأت هذه الناقة سلا قط، أي (4) إني لم تضم، ولم تجمع. وبيت عمرو بن كلثوم:
لم تَقْرَأ جَنِينا (5)
__________
(1) ساقط من النسختين، وأثبته من المسائل الحلبية لاكتمال واتضاح المعنى بوجوده.
(2) في كلا النسختين: زيد.
(3) "مجاز القرآن" 2/ 278، وذكر بيت عمرو بن كلثوم.
(4) في (أ): أن.
(5) البيت كاملاً:
ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أدْماءَ بِكْرٍ ... هِجانِ اللَّوْنِ لم تَقْرأْ جَنِينا
ورد البيت في "شعر عمرو بن كلثوم" إعداد: طلال حرب: 25، "شرح المعلقات السبع" للزوزني 169، و"شرح المعلقات العشر" للشنقيطي 139، و"مجاز القرآن" 2/ 278، و"المحرر الوجيز" 5/ 404، و"روح المعاني" 29/ 142. =

الصفحة 500