كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 22)

قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ} (¬1) قالوا (¬2): يعني أبا جهل. {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (¬3)} هملاً، مهملاً، لا يؤمر، ولا ينهى، ولا يوعظ في الدنيا, ولا يحاسب بعمله في الآخرة. (والسدى معناه في اللغة: المهمل، يقال: أسدَيْت إبلي إسداءً أهملتها، والاسم: السُّدَى .. ذكر ذلك (أبو عبيد) (¬4)، (عن أبي زيد) (¬5)، والأشبه بالمعنى في {سُدًى}، أي: مهملًا لا يبعث. يدل عليه قوله في الدلالة على البعث: {أَلَمْ يَكُ}، أي: هذا الإنسان. {نُطْفَةً}، أي: ماءً قليلاً، يعني في ابتداء خلقه. {مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} أي تصب في الرحم، وذكر الكلام في {مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} عند قوله: {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46)} [النجم: 46]، وقوله (¬6): {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58)} [الواقعة: 58]. وفي (يُمنى) قراءتان (¬7): التاء، والياء، (فالتاء للنطفة على تقدير: ألم
¬__________
(¬1) لم أعثر على من قال بذلك، ولعله عني بهم جماعة المفسرين السابق ذكرهم في الآية السابقة. وانظر السمرقندي في "بحر العلوم" 3/ 396، وقال القرطبي: إن الخطاب لابن آدم: "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 114.
(¬2) في (أ): سدا.
(¬3) أبو عبيدة، هكذا ورد في كلا النسختين، والصواب أنه أبو عبيد كما في "التهذيب".
(¬4) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(¬5) ما بين القوسين نقله الواحدي عن الأزهري. "تهذيب اللغة" 13/ 40 (سدا).
(¬6) بياض في (ع).
(¬7) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم في رواية أبي بكر، وحمزة، والكسائي: (مِنْ مني تمنى) على أن الضمير: للنطفة. وقرأ حفص، ويعقوب، وهشام بخلف عنه: بالياء (من مني يمنى) جعل الضمير عائدا على (مني) انظر كتاب السبعة: 662 , و"الحجة" 6/ 346، و"الكشف عن وجوه القراءات السبع" 2/ 351، و"حجة القراءات" 737، و"المبسوط" 388، (المهذب) 2/ 314.

الصفحة 528