كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 22)

عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} [القمر:34] ثم هدد وأوعد فقال: {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} قيل في النذير هاهنا: أنه المنذر، يعني محمدًا -صلى الله عليه وسلم-. وهو قول عطاء عن ابن عباس والضحاك (¬1). وقيل: إنه بمعنى الإنذار، والمعنى: فستعلمون رسولي وصدقه حين (¬2) لا ينفعكم ذلك، أو: فستعلمون عاقبة إنذاري إياكم بالكتاب والرسول، وهو العذاب (¬3).
و (كيف) في قوله: {كَيْفَ نَذِيرِ} ينبئ عما ذكرنا من صدق الرسول أو عقوبة الإنذار. ثم أخبر عن غيرهم من الكفار بقوله: {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} قال ابن عباس: يريد عادًا وثمودًا، وكفار الأمم (¬4).
{فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} قال مقاتل: تغييري وإنكاري أليس وجدوا العذاب حقًّا (¬5).
ثم وعظهم ليعتبروا فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ}، قال المفسرون: تصف أجنحتها في الهواء. {وَيَقْبِضْنَ}، أي: يقبضنها إلى أنفسها بعد الصف.
قال ابن قتيبة: يضربن بها جنوبهن (¬6) وقال المبرد: وهذا معنى الطيران، وهو بسط الجناح وقبضها بعد البسط. وأنشد هو وأبو عبيدة قول
¬__________
(¬1) في (س): (والضحاك) زيادة. وانظر: "التفسير الكبير" 30/ 70، و"غرائب القرآن" 29/ 9.
(¬2) في (ك): (وصدقه إلى حين)، والصواب ما أثبته.
(¬3) انظر: "جامع البيان" 12/ 29/ 6، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 398.
(¬4) انظر: "تنوير المقباس" 6/ 109، و"زاد المسير" 8/ 322، و"التفسير الكبير" 30/ 71.
(¬5) انظر: "تفسير مقاتل" 162 أ.
(¬6) انظر: "تفسير غريب القرآن" ص 475.

الصفحة 57