كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 22)

امتناع من عذابه (¬1) {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُم}، وهذا نسق على قوله: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ}، ولفظ الجند يوحد، ولذلك قال (¬2) {هَذَا الَّذِي هُوَ} وهو استفهام إنكار. أي: لا جند لكم {يَنْصُرُكُمْ} يمنعكم من عذاب الله. قال ابن عباس ينصركم مني إن أردت عذابكم (¬3).
ثم ذكر أن ما هم فيه غرور فقال: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ}، أي: من الشيطان يغرهم بأن العذاب لا ينزل بهم، {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ}، أي: من الذي يرزقكم من آلهتكم المطر إن أمسكه الله عنكم، قاله مقاتل (¬4).
ثم قال: {بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} أي: ليسوا يعتبرون ولا يتفكرون، لجوا في طغيانهم وتماديهم وتباعدهم عن الإيمان (¬5).
ثم ضرب مثلًا فقال: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى} (¬6)،
¬__________
(¬1) (ك): (عذابه قوله تعالى).
(¬2) (س): (قيل).
(¬3) انظر: "تنوير المقباس" 6/ 110، و"معالم التنزيل" 4/ 372، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 218.
(¬4) (س): (قاله مقاتل) زيادة وانظر: "تفسير مقاتل" 162 أ.
قلت: حمل الآية على عموم الرزق من إعطاء ومنع وخلق ورزق ونصر وغير ذلك أولى، وما ذكره مقاتل من باب التمثيل أخذًا من قوله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، والله أعلم.
(¬5) لج: اللجاج: التمادي والعناد في تعاطي الفعل. "المفردات" (447) (لج).
(¬6) (أهدى) ساقطة من (س).

الصفحة 59