كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 22)

الحفظة من أعمال بني آدم (¬1).

2 - قوله تعالى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} قال أبو إسحاق: {أَنْتَ} هو اسم {مَآ} و {بِمَجْنُونٍ} الخبر، و {بِنِعْمَةِ رَبِّك} موصولة بمعنى النفي. انتفى عنك الجنون بنعمة ربك كما تقول: أنت بنعمة الله (¬2) فَهِمٌ، وما أنت بنعمة الله بجاهل. وتأويله: فارقك الجهل بنعمة ربك (¬3). وهذا جواب لقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6].
قال مقاتل: وذلك حين قال كفار مكة: إن محمدًا مجنون، فأقسم الله بالحوت وبالقلم وبأعمال بني آدم، فقال: {مَآ أنَتَ} يا محمد {بِنِعْمَتِ رَبِّك}، يعني برحمة ربك {بِمَجنُونٍ} (¬4)، وقال عطاء عن (¬5) ابن عباس: يريد بنعمة ربك عليك بالإيمان والنبوة (¬6).

3 - قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} أكثر المفسرين وأهل المعاني يقولون: غير منقوض ولا مقطوع، يقال: منَّهُ السير، أي أضعفه. والمنين: الضعيف، ومنَّ الشيء إذا قطعه (¬7)، ومنه قول لبيد (¬8):
¬__________
(¬1) انظر: "زاد المسير" 8/ 328، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 225، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 401، وهو منسوب لابن عباس، ومقاتل، والسدي.
(¬2) في (ك): (ربك).
(¬3) انظر: "معاني القرآن" 5/ 204.
(¬4) انظر: "تفسير مقاتل" 162 ب، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 225.
(¬5) في (س): (عطاء عن) زيادة.
(¬6) انظر: "التفسير الكبير" 30/ 79، و"غرائب القرآن" 29/ 15.
(¬7) انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 173، و"جامع البيان" 29/ 12، و"اللسان" 3/ 535 (منن).
(¬8) "ديوان لبيد" ص171، و"شرح المعلقات السبع" للزوزني 83، و"الخصائص" 1/ 296.

الصفحة 74