والدِّعوة؛ فألحق به عارًا لا يفارقه في الدنيا ولا في الآخرة. كالوسم على الخرطوم وأبين ما يكون في الوجه. ومما يشهد لهذا المذهب قول من قال في قوله: {زَنِيمٍ} أنه يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها.
17 - قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا} (¬1) الآية. قال المفسرون: بلونا أهل مكة بالجوع والقحط كما ابتلينا أصحاب الجنة بالجوع حين هلكت جنانهم. وهم قوم من ثقيف، كانوا باليمن (¬2) مسلمين ورثوا من أبيهم ضيعة فيها جنان وزروع ونخيل. وكان أبوهم يجعل مما فيها للمساكين من كل شيء حظًّا عند الصرام وعند الحصاد والدياسة والرفاع (¬3). فقالت بنوه: العيال كثير، والمال قليل، ولا يسعنا أن نعطي المساكين كما كان يفعل أبونا. وعزموا على حرمان المساكين فصارت عاقبتهم إلى الهلاك وإلى ما قص الله في كتابه من قصتهم (¬4).
قال مقاتل: وهذا مثل ضربه الله لكفار مكة ليعتبروا فيرجعوا، وهو قوله: {كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّة} (¬5) قال المفسرون: وهي تسمى (¬6): الضروان
¬__________
(¬1) (كما بلونا) ساقطة من (س).
(¬2) اليمن: تشرف على البحر الأحمر والمحيط الهندي، ويطلق عليها بلاد العرب السعيد أو الخضراء، وسميت اليمن لتيامنهم إليها، قال ابن عباس: تفرقت العرب، فمن تيامن منهم سميت اليمن وهي أيمن الأرض فسميت اليمن.
انظر: "معجم البلدان" 5/ 447، و"دراسات تاريخية: العرب وظهور الإسلام" ص 5.
(¬3) (س): (والرفاع) زيادة. والمراد به رفع المحصول في المخازن.
(¬4) انظر: "الكشف والبيان" 12/ 167 ب، و"معالم التنزيل" 4/ 379، من رواية الكلبي عن ابن عباس.
(¬5) انظر: "تفسير مقاتل" 163 أ، و"الجامع لأحكام القرآن" 18/ 239.
(¬6) في (س): (تسمى) زيادة.