كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 24)

والمتربة: مصدر قولهم: تَرِبَ يترب تَرَبًا ومَتْرَبة، مثل مسغبة، إذا افتقر حتى لصق بالتراب ضرًا (¬1).
ثم بين أن هذه القرب إنما تنفع مع الإيمان فقال:

17 - {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} أي كان مقتحم العقبة، وهو فاك الرقبة، والمطعم من الذين آمنوا، فإنه إن لم يكن منهم لم ينفعه قربة، لإحباط الكفر لها.
فإن قيل: أليس من شرط صحة هذا القرب، ووقوعها من الله بمكان القبول: الإيمان؟ فهلا قدم الإيمان عليها، وثم للتراخي، فقدله: "ثم كان" يوجب الإيمان إذا تراخى عن هذا القرب صحت دونه؟!
والجواب عن هذا أن يقال: هذا التراخي في الذكر، لا في الوجود والترتيب (¬2)؛ لأن المعنى أنه فعل هذه الأشياء وهو مؤمن معها.
وكذا ذكر المفسرون (¬3)، فقالوا: ثم كان مع ذلك من الذين آمنوا، وقد قال:
إنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوُهُ ... ثُمَّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدّهْ (¬4)
¬__________
= الإمام مجاهد" ص 731، و"جامع البيان" 30/ 204 - 205، و"النكت والعيون" 6/ 279، و"الدر المنثور" 8/ 525، وبه قال ابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" ص 529، والثعلبي في "الكشف والبيان" 13/ 98 ب، والسمرقندي في "بحر العلوم" 3/ 481، والسجستاني في "نزهة القلوب" 416، وانظر: "المفردات" ص 73.
(¬1) انظر: "لسان العرب" 1/ 228 (ترب).
(¬2) انظر تفصيل القول في المسألة في "مغنى اللبيب" 1/ 197.
(¬3) قال بذلك الثعلبي في "الكشف والبيان" 13/ 99 أ.
(¬4) البيت لأبي نواس الحسن بن هانئ، وهو في "ديوانه" 493 برواية:
قلْ لمنْ سادَ ثُم سَادَ أبوُه ... قَبْله ثم قبلَ ذلك جَدّه
وورد البيت غير منسوب في: "التفسير الكبير" 31/ 187، و"مغنى اللبيب" =

الصفحة 34