كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 24)

الإلهام، فإن التبيين، والتعريف، والتعليم (¬1) دون الإلهام، والإلهام أن يوقع في قلبه، ويجعل فيه، كما ذكر ابن زيد: إذا أوقع الله في قلب عبده شيئًا فقد ألزمه إياه، وأصل معنى الإلهام من قولهم: لهم الشيء، والتهَمَهُ إذا ابتلعه، وألهمته ذلك الشيء إذا أبلغته. هذا هو الأصل (¬2).
ثم استعمل ذلك فيما يقذفه الله في قلب العبد، لأنه كالإبلاغ، والتفسير الموافق لهذا الأصل قول ابن زيد: وهذا صريح في أن الله تعالى خلق في المؤمن تقواه، وفي الكافر فجوره (¬3).
والذي يؤكد هذا ويبينه قوله:

9 - {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} وقال ابن عباس (في رواية عطاء (¬4)، والكلبي (¬5)) (¬6): قد أفلحت نفس زكاها الله وأصلحها، وهو قول:
¬__________
(¬1) في (أ): (التعليم والتعريف).
(¬2) انظر: "تهذيب اللغة" 6/ 308 (لهم)، و"مقاييس اللغة" 5/ 217، و"الصحاح" 5/ 2036 - 2037.
(¬3) وهذا ما يؤيده الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي الأسود الدِّئِليِّ قال: قال لي عمران بن حصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم، ومضى عليهم من قدر ما سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبت "الحجة" عليهم .. ؟ فقال: لا بل شيء قضي عليهم، ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}. كتاب القدر: باب 1: ج 4/ 2041، 4042: ح 10، وانظر: "مسند الإمام أحمد" 4/ 438.
(¬4) ورد قوله من غير ذكر أحد الطريقين إليه في: "زاد المسير" 8/ 208، و"الدر المنثور" 8/ 531، وعزاه إلى حسين في الاستقامة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. كما ورد معنى قوله في "جامع البيان" 30/ 211 من طريق علي الوالبي.
(¬5) المراجع السابقة.
(¬6) ما بين القوسين ساقط من (أ).

الصفحة 56