كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 24)

فكانوا يعذبونه في الرمضاء (¬1)، وقد وضعوا على صدره صخرة، فاشتراه أبو بكر وأعتقه، فقال المشركون: مَا فعل ذلك أبو بكر إلا ليد كانت عند بلال، أراد أن يجزيه بها، فقال الله تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى}.
قال ابن عباس: يريد مَا لبلال عند أبي بكر نعمة يجزيه بها (¬2).
والمعنى: (لم يفعل ذلك مجازاة ليد أسديت إليه) (¬3)، ولكنه ابتغى بذلك وجه الله، وهو قوله:

20 - {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} (أي إلا طلب ثواب الله) (¬4)
قال أبو عبيدة: "إلا ابتغاء" (¬5) استثناء من النعمة، كما يُستثنى الشيء وليس منه (¬6).
قال الفراء: وهذا على اختلاف ما قبل "إلا" ومَا بعدها، والعرب تقول: مَا في الدار أحد إلا أكلبًا وأحمرةً، وهذا كقوله: {إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157]
كقول (¬7) النابغة:
.. .. وما بالرَّبعِ من أحدِ
¬__________
= سلحت من البقل. انظر: "القاموس المحيط" 1/ 229 (سلح). والنجو: ما يخرج من البطن. مختار "الصحاح" 648 (نجو).
(¬1) الرمضاء: الأرض الشديدة الحرارة "القاموس المحيط" 2/ 332 (رمض).
(¬2) لم أعثر على مصدر لقوله.
(¬3) ما بين القوسين من قول الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 336.
(¬4) ما بين القوسين من قول الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 337.
(¬5) في (أ): (ابتغاء)، وغير واضحة في (ع)، وأئبت ما غلب على ظني صحته. والله أعلم.
(¬6) "مجاز القرآن" 2/ 30 بنحوه.
(¬7) في (ع): (وكقول).

الصفحة 90