كتاب البواكير
مقالات «فتى العرب» معاً، وهكذا، لكني أعرضت عن هذا الخاطر أيضاً. ثم انتهيت إلى ترتيبها في الكتاب كترتيب نشرها، فما دام الجامع الذي جمع هذه المقالات معاً وأنشأ منها هذا الكتاب هو الزمان الذي نُشرت فيه فليكن أساس ترتيب المقالات هو الزمان، وكذلك كان.
وقد بدأت الكتاب بأقدم «البواكير» نشراً، وكلما مضى القارئ في الكتاب قُدُماً سيتقدم في السنوات. ثم اجتهدت فعملت في هذا الكتاب ما لم أعمله في سواه مما نشرته من قبل، وهو أنني حرصت على أن أثبت في أول كل مقالة موضعَ نشرها وتاريخَه، فذكرت اسم الجريدة التي نُشرت فيها وتاريخ نشرها باليوم والشهر والسنة، وإنما حملني على ذلك أنني ما زلت أحس -وأنا أشتغل بهذا الكتاب- أنني أقدم فيه تاريخ علي الطنطاوي نفسه، وليس فقط سجلاً لكتاباته في تلك السنوات المبكرة من حياته!
* * *
لقد ظن جدي -رحمه الله- أن إنجاز هذا العمل من المستحيلات، لكن الله ذلل الصعب وجعل -بفضله- المستحيلَ ممكناً. قال في أول الحلقة السادسة والثلاثين من «الذكريات»: "في الأشهر الخمسة التي لازمت فيها «فتى العرب» كنت أكتب كل يوم مقالة، منها سلسلة كان عنوانها «أحاديث ومشاهدات» ... هذه المقالات ضاعت مني، ما بقي لديّ منها إلاّ أربع. ولو كان يتحقق في الدنيا المستحيل وخطر على بال أحد يوماً (بعد موتي) أن يطبع كل ما كُتب، واستطاع أن يجد مجموعة أعداد «فتى العرب» لوجدها فيها".
الصفحة 10
328