كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم
حَوْلَهُ}، وجمع الضمير في قوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧)}، مع أن مرجع كل هذه الضمائر شيء واحد وهو لفظة {الَّذِي} مِنْ قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي}.
والجواب عن هذا: أن لفظة "الذي" مفرد، ومعناها عام لكل ما تشمله صلتها. وقد تقرر في علم الأصول: أن الأسماء الموصولة كلها من صيغ العموم.
فإذا حققت ذلك، فاعلم أن إفراد الضمير باعتبار لفظة "الذي" وجمعه باعتبار معناها، ولهذا المعنى جرى على ألسنة العلماء: أن "الذي" تأتي بمعنى "الذين".
ومن أمثلة ذلك في القرآن الكريم هذه الآية الكريمة؛ فقوله: {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ} أي: كمثل الذين استوقدوا. بدليل قوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ}.
وقوله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣)} [الزمر/ ٣٣].
وقوله: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة/ ٢٦٤] أي: كالذين ينفقون. بدليل قوله: {لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا} [البقرة/ ٢٦٤].
وقوله: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة/ ٦٩] بناء على الصحيح من أن "الذي" فيها موصولة لا مصدرية.
ونظير هذا من كلام العرب قول الراجز:
الصفحة 13
395