كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

والأمر الكوني القدري كقوله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف/ ١٦٦]، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس/ ٨٢]. والأمر في قوله: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف/ ٢٨] أمر شرعي ديني.
فظهر أن الأمر المنفي غير الأمر المثبت.
الوجه الثالث: أن معنى {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أي: كثَّرناهم حتى بطروا النعمة ففسقوا.
ويدل لهذا المعنى الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد مرفوعًا من حديث سويد بن هبيرة -رضي اللَّه عنه-: "خير مال امرئ: مهرة مأمورة أو سكة مأبورة". فقوله: "مأمورة، أي: كثيرة النسل. وهي محل الشاهد.
قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ} الآية [الأعراف/ ٥١]، وأمثالها من الآيات كقوله: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة/ ٦٧]، وقوله: {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)} [طه/ ١٢٦]، وقوله: {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ} الآية [الجاثية/ ٣٤].
لا يعارض قوله تعالى: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)} [طه/ ٥٢]، وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤)} [مريم/ ٦٤]؛ لأن معنى {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ} ونحوه: أي: نتركهم في العذاب محرومين من كل خير. واللَّه تعالى أعلم.
قوله تعالى: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (١٠٧)} الآية

الصفحة 146