كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم
ووجه الجمع ظاهر، وهو أنهم بُكْمٌ عن النطق بالحق وإن تكلموا بغيره، صُمٌّ عن سماع الحق وإن سمعوا غيره، عُمْيٌ عن رؤية الحق وإن رأوا غيره.
وقد بين تعالى هذا الجمع بقوله: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً} الآية [الأحقاف/ ٢٦]؛ لأن ما لا يغني شيئًا فهو كالمعدوم.
والعرب ربما أطلقت الصمم على السماع الذي لا أثر له، ومنه قول قعنب بن أم صاحب:
صُمٌّ إذا سمعوا خيرًا ذُكِرْتُ به ... وإنْ ذُكِرْتُ بسوء عندهم أَذِنُوا
وقول الشاعر:
أصمُّ عن الأمر الذي لا أريده ... وأَسْمَعُ خلق اللَّه حين أريد
وقول الآخر:
فأصممت عمرًا وأعميته ... عن الجود والفخر يوم الفخار
وكذلك الكلام الذي لا فائدة فيه فهو كالعدم.
قال هبيرة بن أبي وهب المخزومي:
وإن كلام المرء في غير كنهه ... لكالنَّبل تهوي ليس فيها نصالها
قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} الآية [البقرة/ ٢٤].
هذه الآية تدل على أن هذه النار كانت معروفة عندهم؛ بدليل
الصفحة 15
395