كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم
لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)} [الأنعام/ ١٢١]، فأقسم تعالى في هذه الآية على أن من أطاع الشيطان في معصية اللَّه أنه مشرك باللَّه.
ولما سأل علي بن حاتم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا} [التوبة/ ٣١] كيف اتخذوهم أربابًا؟ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألم يحلو لهم ما حرَّم اللَّه، ويحرَّموا عليهم ما أحل اللَّه فاتبعوهم؟ " قال بلى. قال: "بذلك اتخذوهم أربابًا".
فبان أن أهل الكتاب مشركون من هذا الوجه الشرك الأكبر، وإن كانوا ككفار مكة في صريح عبادة الأوثان. والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} الآية [التوبة/ ٤١].
هذه الآية الكريمة تدل على لزوم الخروج للجهاد في سبيل اللَّه على كل حال.
وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف ذلك، كقوله: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} الآية [التوبة/ ٩١]، وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة/ ١٢٢].
والجواب: أن آية {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} منىسوخة بآيات العذر المذكورة.
وهذا الموضع كان أمثلة ما نُسِخَ فيه الناسخُ؛ لأن قوله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} ناسخ لآيات الإعراض عن المشركين، وهو منسوخ بآيات العذر، كما ذكرنا آنفًا، والعلم عند اللَّه تعالى.