كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم
الثاني: أن اللَّه لم يجعل له عليهم سلطانًا ابتداء البتة، ولكنهم هم الذين سلطوه على أنفسهم بطاعته ودخولهم في حزبه، فلم يتسلط عليهم بقوة؛ لأن اللَّه يقول: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (٧٦)} [النساء/ ٧٦]، وإنما تسلط عليهم بإرادتهم واختيارهم.
ذكر هذا الجواب بوجهيه العلامة ابن القيم -رحمه اللَّه تعالى-.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)} [النحل/ ١٢٨].
هذه الآية الكريمة تدل بظاهرها على أن معية اللَّه خاصة بالمتقين المحسنين.
وقد جاء في آيات أخر ما يدل على عمومها، وهي قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} [المجادلة/ ٧]، وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد/ ٤]، وقوله: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (٧)} [الأعراف/ ٧]، وقوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ} الآية [يونس/ ٦١].
والجواب: أن للَّه معية خاصة ومعية عامة.
فالمعية الخاصة: بالنصر والتوفيق والإعانة، وهذه لخصوص المتقين المحسنين، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا} الآية [النحل/ ١٢٨] وقوله: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} [الأنفال/ ١٢] الآية، وقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} [طه/ ٤٦]، وقوله: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة/ ٤٠].
الصفحة 190