كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

سورة المنافقون
قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} الآية [المنافقون/ ١].
هذا الذي شهدوا عليه حق؛ لأنَّ رسالة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- حق لا شك فيها.
وقد كذبهم اللَّه بقوله: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}، مع أن قوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [المنافقون/ ١] كأنه تصديق لهم.
والجواب: أن تكذيبه تعالى لهم منصبٌّ على إسنادهم الشهادة إلى أنفسهم في قولهم: {نَشْهَدُ}، وهم في باطن الأمر لا يشهدون برسالته، بل يعتقدون عدمها، أو يشكون فيه، كما يدل للأول قوله تعالى عنهم: {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} إلى قوله: {وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣)} [البقرة/ ١٣]، ويدل للثاني قوله تعالى: {وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)} [التوبة/ ٤٥].
قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} الآية [المنافقون/ ٦].
ظاهر هذه الآية الكريمة أنه لا يغفر للمنافقين مطلقًا.
وقد جاءت آية توهم الطمع في غفرانه لهم إذا استغفر لهم رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- سبعين مرة، وهي قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة/ ٨٠].

الصفحة 319