كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم
الخلائق بالنسبة لملك اللَّه إياهم سواء، عاقلهم وغيره، فالعاقل في ضعفه وعجزه بالنسبة إلى ملك اللَّه كغير العاقل. ولما ذكر القنوت -وهو الطاعة- وكان أظهر في العقلاء من غيرهم، عبر بما يدل على العقلاء تغليبًا لهم.
قوله تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [البقرة/ ١١٨].
هذه الآية تدل بظاهرها على أن البيان خاص بالموقنين.
وقد جاءت آيات أخر تدل على أن البيان عام لجميع الناس، كقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٨٧)} [البقرة/ ١٨٧]، وكقوله: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} [آل عمران/ ١٣٨].
ووجه الجمع: أن البيان عام لجميع الخلق، إلا أنه لما كان الانتفاع به خاصًا بالمتقين، خص في هذه الآية بهم؛ لأن ما لا نفع فيه كالعدم. ونظيرها قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥)} [النازعات/ ٤٥]، وقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ} الآية [يس/ ١١]، مع أنه منذر للأسود والأحمر، هإنما خص الإنذار بمن يخشى ومن يتبع الذكر لأنه المنتفع به.
قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} الآية [البقرة/ ١٤٣].
قوله تعالى في هذه الآية: {إِلَّا لِنَعْلَمَ} يوهم أنه لم يكن عالمًا بمن يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، مع أنه تعالى عالم بكل شيء قبل وقوعه، فهو يعلم ما سيعمله الخلق، كما دلت عليه آيات