كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

سورة الأعلى
قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} الآية [الأعلى/ ٦ - ٧].
هذه الآية الكريمة تدل على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ينسى من القرآن ما شاء اللَّه أن ينساه.
وقد جاءت آيات كثيرة تدل على حفظ القرآن من الضياع، كقوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧)} [القيامة/ ١٦ - ١٧]، وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر/ ٩].
والجواب: أن القرآن وإن كان محفوظًا من الضياع، فإن بعضه ينسخ بعضًا، وإنساء اللَّه نبيَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعض القرآن في حكم النسخ، فإذا أنساه آية فكأنه نَسَخَها, ولا بد أن يأتي بخيرٍ منها أو مثلها، كما صرح به تعالى في قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة/ ١٠٦]، وقوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} الآية [النحل/ ١٠١].
وأشار هنا لعلمه بحكمة النسخ بقوله: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (٧)} [الأعلى/ ٧].
وقوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (٩)} [الأعلى/ ٩].
هذه الآية الكريمة يفهم منها أن التذكير لا يطلب إلا عند مظنة نفعه؛ بدليل "إن" الشرطية.

الصفحة 347