كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

والثاني: أنه من قول العرب إذا دعوا على الرجل بالهلكة قالوا: هَوَتْ أمُّه؛ لأنه إذا هوى -أي: سقط وهلك- فقد هوت أمه ثكلًا وحزنًا.
ومن هذا المعنى قول كعب بن سعد الغنوي:
هَوَتْ أمُّه مايبعث الصبحُ غاديًا ... وماذا يَرَدُّ الليلُ حين يؤوب
وهذا القول رواية أخرى عن قتادة.
وعلى هذا القول فالضمير في قوله: {هِيَهْ} للداهية التي دل عليها الكلام.
وذكر الآلوسي في تفسيره أن صاحب "الكشاف" قال: إن هذا القول أحسن. وأن الطيبي قال: إنه أظهر، وقال هو: وللبحث فيه مجال.
الثالث الذي فيه الإشكال: أن المعنى: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} أي: مأواه الذي يحيط به ويضمُّه هاوية، وهي النار؛ لأن الأم تؤوي ولدها وتضمه، والنار تضم هذا العاصي، وتكون مأواه.
والجواب على هذا القول: هو ما أشار له الآلوسي في تفسيره من أنه نكَّرَ الهاوية في محل التعريف لأجل الإشعار بخروجهم عن المعهود؛ للتفخيم والتهويل، ثم بعد إبهامها لهذه النكتة قررها بوصفها الهائل بقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١)}.
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-: هذا الجواب الذي ذكره الآلوسي

الصفحة 380