كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم
حَقَّ تُقَاتِهِ}. وذهب إلى هذا القول سعيد بن جبير، وأبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، ومقاتل بن حيان، وزيد بن أسلم، والسدي، وغيرهم. قاله ابن كثير.
الثاني: أنها مبينة للمقصود بها.
والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران/ ١٠٣].
هذه الآية الكريمة تدل على أن الأنصار ما كان بينهم وبين النار إلا أن يموتوا، مع أنهم كانوا أهل فترة، واللَّه تعالى يقول: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} [الإسراء/ ١٥]، ويقول: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} الآية [النساء/ ١٦٥].
وقد بين تعالى هذه الحجة بقوله في سورة طه: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (١٣٤)} [طه/ ١٣٤]. والآيات بمثل هذا كثيرة.
والذي يظهر في الجواب -واللَّه تعالى أعلم-: أنه برسالة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يبق عذر لأحد، فكل من لم يؤمن به فليس بينه وبين النار إلا أن يموت، كما بيَّنه تعالى بقوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} الآية [هود/ ١٧].
وما أجاب به بعضهم من أن عندهم بقية من إنذار الرسل الماضين تلزمهم بها الحجة، فهو جواب باطل؛ لأن نصوص القرآن مصرحة بانهم لم يأتهم نذير، كقوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ