كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

أُحد، والمذكور في الأنفال في يوم بدر، فلا إشكال على قوله إلا في أن غزوة أحد لم يأت فيها مدد من الملائكة.
والجواب: أن إتيان المدد فيها -على القول به- مشروط بالصبر والتقوى في قوله: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ} الآية [آل عمران/ ١٢٥]، ولما لم يصبروا ويتقوا لم يأت المدد. وهذا قول مجاهد وعكرمة والضحاك والزهري وموسى بن عقبة وغيرهم. قاله ابن كثير.
قوله تعالى: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ} الآية [آل عمران/ ١٥٣].
قوله تعالى: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} أي: غمًّا على غم. يعني: حزنًا على حزن. أو أثابكم غمًّا بسبب غمكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعصيان أمره. والمناسب لهذا الغم -بحسب ما يسبق إلى الذهن- أن يقول: لكي تحزنوا. أما قوله: {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا} فهو مشكل؛ لأن الغم سبب للحزن لا لعدمه.
والجواب عن هذا من أوجه:
الأول: أن قوله: {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا} متعلق بقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران/ ١٥٢]. وعليه، فالمعنى: أنه تعالى عفا عنكم؛ لتكون حلاوة عفوه تزيل عنكم ما نالكم من غم القتل والجراح، وفوت الغنيمة والظفر، والجزع من إشاعة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قتله المشركون.

الصفحة 76