كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم
البعيد نظرًا إلى أن الكلام مضى وانقضى، وإشارة القريب نظرًا إلى قُرْبِ انقضائه.
الوجه الثالث: أن العرب ربما أشارت إلى القريب إشارة البعيد، فتكون الآية على أسلوب من أساليب اللغة العربية. ونظيره قول خفاف بن ندبة السلمي، لما قتل مالك بن حرملة الفزاري:
فإن تك خيلي قد أصيب صميمها ... فعمدًا على عيني تيممت مالِكا
أقول له والرمح يأطِرُ مَتْنَه ... تأمل خفافًا إنني أنا ذلكا
يعني أنا هذا.
وهذا القول الأخير حكاه البخاري عن معمر بن المثنى أبي عبيدة. قاله ابن كثير.
وعلى كل حال فعامة المفسرين على أن {ذَلِكَ الْكِتَابُ} بمعنى: هذا الكتاب.
قوله تعالى: {لَا رَيْبَ فِيهِ} هذه نكرة في سياق النفي رُكِّبَتْ مع "لا"، فبنيت على الفتح. والنكرة إذا كانت كذلك فهي نص في العموم، كما تقرر في علم الأصول.
و"لا" هذه التي هي نص في العموم هي المعروفة عند النحويين: "لا" التي لنفي الجنس، أما "لا" العاملة عمل "ليس" فهي ظاهرة في العموم لا نصٌّ فيه.
وعليه فالآية نصٌّ في نفي كل فرد من أفراد الريب عن هذا القرآن
الصفحة 8
395