كتاب سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (اسم الجزء: 8)

وتوثيق ابن حبان إياه مما لا قيمة له؛ لما عرف من تساهله في التوثيق، حتى إنه ليوثق من يصرح فيه بمثل قوله: "لا أعرفه ولا أعرف أباه"! كما أثبته بالنقل عن كتابه "الثقات" في غير هذا الموضع، ولذلك؛ لم يوثقه الحافظ، وإنما قال فيه: "مقبول". يعني عند المتابعة، ولم يتابع من ثقة إلا على القرن الثالث الذي شك فيه في رواية إسماعيل، بخلاف القرن الرابع؛ فإنه لم يرد إلا مشكوكاً فيه كما تقدم، وأما القرن الخامس فهو منكر؛ لعدم وروده مطلقاً في شيء من طرق الحديث التي وقفت عليها إلا في هذه الطريق الواهية، ولا تغتر بقول الهيثمي عقبها - وبعد أن ساق الروايات الثلاث -:
"رواها كلها أحمد وأبو يعلى باختصار، ورجالها رجال الصحيح".
فإن عبد الله بن مولة ليس من رجال "الصحيح" أولاً، ثم هو لا يعرف ثانياً؛ كما بينته آنفاً. ولعله التبس عليه بعبد الله بن حوالة الصحابي المشهور، وإن كنت أستبعد هذا؛ فإن محقق كتاب "المجمع" الذي وقع في هذا الالتباس، قد بين أن الهيثمي ذكره على الصواب؛ فجاء هذا المحقق فأفسده وجعله "عبد الله بن حوالة"، وعلق عليه بقوله: "في الأصل مولة"! وقد اغتر بهذا التصحيح صديقه وزميله في التتلمذ على الشيخ الكوثري؛ ألا وهو الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كما يأتي.
(تنبيه) : أخذ بعض متعصبة الحنيفة الهنود من حديث جعدة بن هبيرة أن مراسيل القرن الرابع حجة، فقال في كتابه "قواعد في علوم الحديث" (ص450) بعد أن نقل كلام الحافظ فيه، ورجح صحبة جعدة:
"وعلى هذا؛ فيجوز لنا أن نحتج بمراسيل القرن الرابع أيضاً؛ لاشتراكهم مع الثالث في العلة التي بها قبلنا مراسيلهم"!

الصفحة 55