كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 1)

الخبرين (¬1) أحدهما لا بعينه (¬2)، وفائدة الآخر الإيهام واللبس، والتّقدير ههنا: إمّا إلقاء منك وإمّا تسليم لنا لنلقي.
وإنّما خيّروا موسى لجرأتهم ولاستواء الأمرين عندهم ولقصدهم قطع عذر موسى عليه السّلام من كلّ وجه (¬3).

116 - {قالَ أَلْقُوا:} سلّم لهم الابتداء ليتمكّنوا من سحرهم على طمأنينة وجرأة (¬4) وعقل، فيكون إبطاله بعد إتمامه أدلّ على الحقّ وأوقع في القلوب، ولو ابتدأ موسى لما تمكّنوا من سحرهم دهشا وحيرة (¬5).
{وَاِسْتَرْهَبُوهُمْ:} «أرهبوهم» (¬6) واستدعوا رهبتهم (¬7).
وإنّما وصف سحرهم بالعظم؛ لأنّهم حرّكوا الحبال والعصيّ في الرّمضاء بالحيل، وشبّهوا (¬8) الجماد بالحيوان بفعل أنفسهم في مقابلة الإعجاز من غير استعانة بالأرواح الخبيثة من الشّياطين مستبدّين (¬9)، فكان يصغر بجنبه كلّ سحر.

117 - {فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ:} «أي: فألقاها فإذا هي تلقف» (¬10). وإنّما قيل على لفظ الاستقبال؛ لأنّها تلقفت (¬11) شيئا بعد شيء (¬12). قال الكلبيّ: عظمت عصا موسى حتى كادت تسدّ الأفق، وفتحت فاها سبعين ذراعا، وأقبلت على فرعون فطوّقت رقبته بذنبها ثمّ فتحت فاها لتبتلعه، فاستعاذ فرعون بموسى (¬13)، فصاح موسى وأخذها فإذا هي عصا كما كانت (¬14). وعن السدّي أنّ فرعون هرب منها وأحدث (¬15). وقيل: ابتلعت الصّخور العظام،
¬_________
(¬1) في ب: الخبر.
(¬2) في ك: نفسه. وينظر: معاني القرآن للفراء 1/ 389 - 390، وتفسير الطبري 9/ 26 - 27، والتبيان في تفسير القرآن 4/ 501.
(¬3) ينظر: البحر المحيط 4/ 360 - 361.
(¬4) في ع: وجراءة، وبعدها في ب: وعقد، بدل (وعقل).
(¬5) ينظر: التفسير الكبير 14/ 202 - 203.
(¬6) تفسير غريب القرآن 170، وتفسير البغوي 2/ 187 والتفسير الكبير 14/ 203.
(¬7) ينظر: معاني القرآن وإعرابه 2/ 366، ومعاني القرآن الكريم 3/ 63، والكشاف 2/ 140.
(¬8) في الأصل وع: شبهوا.
(¬9) في ك: متبدين. وينظر: التبيان في تفسير القرآن 4/ 503.
(¬10) البحر المحيط 4/ 363.
(¬11) في ب: تلقف.
(¬12) في ك: موسى.
(¬13) النسخ الثلاث: لموسى.
(¬14) ينظر: تفسير البغوي 2/ 185 - 186، ومجمع البيان 4/ 323، وتفسير القرطبي 7/ 258.
(¬15) ينظر: تفسير الطبري 9/ 19، ومجمع البيان 4/ 323، والجواهر الحسان 3/ 62.

الصفحة 688