كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 1)

7 - {وَإِذْ} (¬1): عطفت على جملة، محله نصب بوقوع الذّكر المقدّر عليه (¬2).
قيل: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم [لمّا] (¬3) كان ببعض الطّريق بعث عديّ بن أبي الزّغباء عينا (¬4) على العير.
ونزل جبريل عليه السّلام مخبرا بنفر قريش ومبشّرا بالاستيلاء على إحدى الطّائفتين: إمّا العير وإمّا النّفير، فأشاروا عليه بالعير، فأعاد كلامه فأشاروا عليه بالعير وقالوا: إنّما أخرجتنا للعير وليست معنا أهبة القتال، فأعاد عليهم كلامه فأشاروا عليه بالعير حتى قام سعد بن عبادة فقال:
يا رسول الله انظر (¬5) أمرك وامض فو الله لو سرت إلى عدن ما تخلّف عنك رجل من الأنصار، ففرح النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتى عرف السّرور في وجهه. وقال المقداد بن الأسود الكنديّ: إنّا لا نقول كما قال بنو إسرائيل: اذهب {أَنْتَ وَرَبُّكَ [فَقاتِلا إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ]} (¬6) [المائدة:24]، ولكنّا نقول: امض لأمر ربّك فإنّا بين يديك مقاتلون ما دامت عين منّا تطرف (¬7).
{أَنَّها لَكُمْ:} بدل عن {إِحْدَى الطّائِفَتَيْنِ} (¬8).
{الشَّوْكَةِ:} البأس والشّدّة وحدّة [السّلاح] (¬9)، فذات الشّوكة ههنا النّفير وغير ذات الشّوكة العير لتغنموا من غير قتال، وأراد الله أن يسلّطهم على ذات الشّوكة ليقطع دابر الكافرين (¬10).
روي أنّهم (¬11) لّما ظفروا بالعدوّ وفرغوا من القتال والأنفال طمعوا في العير، قالوا:
يا رسول الله عليك بالعير، فقال عبّاس وهو أسير مشدود: لا ينبغي لك يا رسول الله، قال:
ولم (¬12)؟ قال: لأنّ الله وعدك إحدى الطّائفتين وقد أنجز (¬13). وهذا دليل على إيمان عبّاس وعقله وفطنته قبل ظهور إسلامه.

8 - {لِيُحِقَّ الْحَقَّ:} إحقاق الحقّ إثبات في المشاهدة لما ثبت في العقل. وإبطال الباطل
¬_________
(¬1) في ك وع: وإن.
(¬2) ينظر: معاني القرآن وإعرابه 2/ 401، والبيان في غريب إعراب القرآن 1/ 383.
(¬3) من ع وب.
(¬4) في ع وب: عليا. وينظر: الطبقات الكبرى 2/ 12، وتاريخ خليفة بن خياط 63، والبدء والتاريخ 4/ 186.
(¬5) في الأصل وع وب: لنظر.
(¬6) من ب.
(¬7) ينظر: تفسير الطبري 9/ 245 - 247، والبغوي 2/ 232، والقرطبي 7/ 374.
(¬8) ينظر: معاني القرآن للأخفش 2/ 541، ومعاني القرآن وإعرابه 2/ 402، والتبيان في تفسير القرآن 5/ 80.
(¬9) يقتضيها السياق، وينظر: مفردات ألفاظ القرآن 470، ولسان العرب 10/ 454، ومجمع البحرين 2/ 560 (شوك).
(¬10) ينظر: تفسير البغوي 2/ 232، والتفسير الكبير 15/ 128.
(¬11) في ب: أنه.
(¬12) في ك: لم.
(¬13) ينظر: تفسير القرآن 2/ 255، وتفسير البغوي 2/ 236، والقرطبي 7/ 376.

الصفحة 724