كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 1)
{إِلى فِئَةٍ:} قال ابن عبّاس (¬1): إنّها الكتيبة العظمى في المعركة، وعن أبي سعيد الخدريّ أنّهم لو تحيّزوا إلى فئة في دار الإسلام لم يكونوا منهزمين (¬2). قال ابن عمر: خرجت سريّة، وأنا فيهم، ففرّوا، فلمّا رجعوا إلى المدينة استحيوا من النّاس، فسألوا رسول الله: أنحن الفرارون؟ قال: بل أنتم العكّارون وأنا فئتكم (¬3). «قال ثعلب: العكّارون: العطّافون» (¬4).
ثمّ يحتمل أنّ الآية مجمل لا يمكن العمل بظاهرها، وتفسيره: {مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ} [الأنفال:65]، ويحتمل أنّها كانت عامّة يمكن العمل بظاهرها (¬5) عند الإتيان على النّفس ثمّ خصّصها قوله: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ} [الأنفال:65]، ثمّ نسخت تلك الآية بقوله:
{الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ} [الأنفال:66] (¬6).
17 - {وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ:} نفي هذه الأفعال عن فاعلها وإسنادها إلى الله من جهة وقوعها يومئذ معجزة إلهيّة خارجة عن طوق البشر والرسم الموضوع المعهود (¬7).
روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخذ كفّا من حصى الوادي يوم بدر ورمى به في وجوه القوم وقال:
شاهت الوجوه (¬8). وروى الزهريّ عن ابن المسيب أنّه صلّى الله عليه وسلّم رمى يوم أحد أبيّ بن خلف (¬9). وعن عبد الرّحمن ابن جبير أنّه صلّى الله عليه وسلّم دعا بقوس في محاربة اليهود فرمى عليها بسهم إلى الحصن فأصاب كنانة بن أبي الحقيق وهو على فراشه فقتله (¬10).
{وَلِيُبْلِيَ:} معطوف على مضمر، تقديره: ليهلكهم (¬11) وليبلي المؤمنين.
18
و19 - {ذلِكُمْ:} الذي سمعتم حقّ أو صدق واعلموا أنّ الله (¬12). ويجوز أن يكون (ذلكم) في محلّ النّصب بإضمار اعلموا (¬13). (131 ظ)
¬_________
(¬1) لم أقف على قوله.
(¬2) ينظر: تفسير الطبري 9/ 267، والبغوي 2/ 236 - 237.
(¬3) ينظر: سنن سعيد بن منصور 5/ 201، والأدب المفرد 338، وسنن الترمذي 4/ 215.
(¬4) ساقطة من ب. وقول ثعلب في تفسير القرطبي 7/ 383، والبحر المحيط 4/ 470.
(¬5) في ع وب: بظاهره.
(¬6) ينظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس 459 - 463، ونواسخ القرآن 165 - 166.
(¬7) ينظر: البحر المحيط 4/ 472.
(¬8) ينظر: معاني القرآن للفراء 1/ 406، والمعجم الكبير 3/ 203، ومجمع الزوائد 6/ 84.
(¬9) ينظر: تفسير القرآن 2/ 256 - 257، وتفسير الطبري 9/ 272، وزاد المسير 3/ 226.
(¬10) ينظر: التبيان في تفسير القرآن 5/ 93، وزاد المسير 3/ 226، وتفسير القرطبي 7/ 385.
(¬11) في ك: ليهلككم، وهو خطأ.
(¬12) ينظر: زاد المسير 3/ 227.
(¬13) ينظر: البحر المحيط 4/ 473.