كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 1)

{وَفِي سَبِيلِ اللهِ:} الجهاد، يدفع إلى فقراء المجاهدين (¬1).
{وَاِبْنِ السَّبِيلِ:} المسافر المنقطع عن ماله (¬2).
والإسلام شرط في هؤلاء (¬3) لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (وأردّها في فقرائكم) (¬4).
سعيد بن جبير عن عليّ عن ابن عبّاس: إذا آتى الرّجل الصّدقة صنفا من هذه الأصناف الثّمانية أجزأه (¬5). وروي مثل ذلك عن عمر وسعد بن أبي وقّاص وحذيفة، وتابعهم عليه سعيد بن جبير وإبراهيم وعمر بن عبد العزيز وأبو (¬6) العالية.

61 - {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ:} كان المنافقون يطعنون الدّين ويتكلّمون بالكفر ويعيبون (¬7) رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويقولون: إن بلغه قولنا اعتذرنا إليه وحلفنا عنده، فسيقبل عذرنا فإنّما هو أذن سامعة (¬8). وإنّما يوصف بهذا من كان سريع الاستماع سريع التّصديق من غير تحقيق. والمتكلّم بهذه الكلمة جلاس بن سويد أو الحلاس بن سويد (¬9).
فبيّن الله أنّه {أُذُنُ خَيْرٍ} وصلاح ورحمة يؤمن بما يخبره الله ويشهد للمؤمنين بالصّدق، وليس أذن شرّ وفساد ليصدّق المنافقين في أعذارهم الكاذبة (¬10).

62 - {يَحْلِفُونَ بِاللهِ:} نزلت في جماعة من المنافقين، كانوا قعودا وفيهم غلام من الأنصار، وقيل: زيد بن أرقم، وقيل: عامر بن قيس، فقال بعض المنافقين: إن كان ما يقوله محمّد حقّا فأنا شرّ من حمار، فقال له المؤمن: والله إنّ ما يقوله محمّد لحقّ وإنّكم لشرّ من حمير، فخاصمهم وخاصموه، ثمّ رافعهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخبره بمقالتهم، وأنكروا وحلفوا، فاستحيى المؤمن من ذلك وقال: اللهمّ لا تفرق بيننا حتى تفرق الصّادق من الكاذب، فأنزل (¬11). قيل: واعترف الجلاس فاستغفر له (¬12) النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخلص (¬13) وحسن إسلامه.
¬_________
(¬1) ينظر: تفسير البغوي 2/ 304، وزاد المسير 3/ 310، وتفسير القرطبي 8/ 186، وهو قول الحنفية.
(¬2) ينظر: تفسير الطبري 10/ 212، ومعاني القرآن الكريم 3/ 226 - 227، وتفسير البغوي 2/ 305.
(¬3) ينظر: التفسير الكبير 16/ 115.
(¬4) التمهيد 4/ 101، والمغني 2/ 342، وسبل السّلام 2/ 140 و 145.
(¬5) ينظر: المدونة الكبرى 2/ 296، وتفسير الطبري 10/ 214، وتلخيص الحبير 3/ 112.
(¬6) النسخ الأربع: وأبي، والصواب ما أثبت. وينظر: تفسير البغوي 2/ 305، والقرطبي 8/ 168، والبحر المحيط 5/ 58.
(¬7) في ب: ويعنون.
(¬8) ينظر: معاني القرآن وإعرابه 2/ 457.
(¬9) (أو الحلاس بن سويد) ساقطة من ب. وينظر: تفسير البغوي 2/ 306، ومجمع البيان 5/ 78، وزاد المسير 3/ 312.
(¬10) ينظر: معاني القرآن وإعرابه 2/ 457، وتفسير البغوي 2/ 306.
(¬11) ينظر: تفسير البغوي 2/ 306.
(¬12) في ب: لهم.
(¬13) في ك وب: فخلص.

الصفحة 778