كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 1)

فذكروا له الاستنجاء بالماء، فقال: إنّ الله أثنى عليكم فدوموا {رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ.} وعن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء {فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا،} الآية، قال (¬1): كانوا يستنجون بالماء فنزلت هذه الآية فيهم (¬2).
والأصحّ (149 ظ) أنّ المسجد مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنّ الرّجال المتطهّرين عامّة الأنصار من أهل المسجدين جميعا، ودلّ (¬3) عليه ما روي أنّه حمّ الأنصار فعادهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال:
أبشروا فإنّها كفّارة وطهور، قالوا (¬4): يا رسول الله ادع الله أن يديمها علينا أيّاما حتى تكون كفّارة لنا، فأنزل الله تعالى يثني عليهم: {يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا:} بالحمّى عن معاصيهم (¬5).
والتّأسيس: موضع الأساس، والأساس قاعدة البناء (¬6).

109 - من (¬7) {أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ:} هو رسول الله مع أصحابه المهاجرين والأنصار، و {مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ:} هو أبو عامر الفاسق مع أصحابه المنافقين. والأوّل هو التّأسيس على حالة التّقوى أو نيّة التّقوى، والثّاني على وجه المثل (¬8).
و (الجرف): هو التّجويف الذي جرفت (¬9) السّيول والأودية حشوه (¬10).
(هار): «هائر» (¬11)، قدّمت لام الفعل وأخّرت عينه على سبيل القلب، كقولك: هو شاكي السّلاح وشائك (¬12). وقد تحذف الهمزة (¬13) من (هائر) حذفا حقيقيّا من غير قلب، في حديث خزيمة وذكر السّنة قال: تركت المخّ رارا والمطيّ هارا (¬14).
¬_________
(¬1) في الأصل وك وب: قالوا.
(¬2) ينظر: سنن أبي داود 1/ 11، وابن ماجه 1/ 128، والسنن الكبرى للبيهقي 1/ 105.
(¬3) في الأصل وع وب: فدل.
(¬4) في ع: قال.
(¬5) ينظر: الكشاف 2/ 311.
(¬6) ينظر: تفسير القرطبي 8/ 259.
(¬7) ساقطة من ب.
(¬8) ينظر: التبيان في تفسير القرآن 5/ 302.
(¬9) في الأصل وك: حرفت.
(¬10) ينظر: غريب القرآن وتفسيره 167، وتفسير غريب القرآن 192، ومعاني القرآن الكريم 3/ 255.
(¬11) غريب القرآن وتفسيره 167، وتفسير غريب القرآن 192، وتفسير الطبري 11/ 44.
(¬12) ينظر: تفسير الطبري 11/ 44، ومعاني القرآن وإعرابه 2/ 470، والتبيان في تفسير القرآن 5/ 303.
(¬13) النسخ الأربع: الهاء، والصواب ما أثبت.
(¬14) ينظر: تاريخ مدينة دمشق 16/ 375، والنهاية في غريب الحديث 5/ 281، ولسان العرب 15/ 286 (مطا). ورارا: لا شيء فيه، وهارا: هالك، والمطيّ: جمع مطيّة وهي النّاقة التي يركب مطاها، أي: ظهرها.

الصفحة 798