كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 1)

117 - {لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ:} وهو قوله: {عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التّوبة:43] (¬1). والتّوبة على المهاجرين والأنصار عفوه عنهم زلاّتهم من التّخلّف وغير ذلك.
{فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ:} وقت الضّيق والشّدّة، كان الأمر قد بلغ إلى [أن] (¬2) نحر بعضهم ناقته فعصر أكراشها وشرب عصارتها. وعن مقاتل أنّ التّمرة كانت فيهم بين الاثنين والثّلاثة، يلوك هذا ثمّ يعطي هذا (¬3). وعن الحسن أنّهم كانوا يعتقبون على رواحلهم، وزادهم شيء من دقيق (¬4) الشّعير وإهالة (¬5) منتنة. وعن عمر قال: أصابنا عطش شديد فدعا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأمطر الله السّماء فعشنا بذلك (¬6).
{كادَ يَزِيغُ (¬7)} قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ: لشدّة الابتلاء وقلّة الصّبر وكثرة الوسواس (¬8).

118 - {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا:} أي: خلّفهم الله بتقديره، أو الشّيطان بغروره، أو أموالهم وأهلوهم بفتنتها. ويحتمل تخليف (¬9) رسول الله إيّاهم عن مجلسه وحضرته ومهاجرته إيّاهم لخمسين (¬10) صباحا.
{بِما رَحُبَتْ:} أي: برحبها وسعتها (¬11).
{وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ:} أي: صدورهم وقلوبهم (¬12). وضيق النّفس: أن تمتلئ بالحزن والهمّ حتى (¬13) تختنق فلا تسع شيئا.
{وَظَنُّوا:} أيقنوا (¬14). وإنّما استثنى الملجأ إليه للتّنبيه على رحمته ورأفته بعد ابتلائه ومحنته (¬15).
¬_________
(¬1) ينظر: الوجيز 1/ 485، وتفسير البغوي 2/ 333، وزاد المسير 3/ 347.
(¬2) من ع.
(¬3) (ثم يعطي هذا) ساقطة من ب.
(¬4) في ع: دويق، وفي ب: دونق.
(¬5) شحم مذاب، ينظر: لسان العرب 11/ 32، ومجمع البحرين 1/ 128 (أهل).
(¬6) ينظر: تفسير الطبري 11/ 75 - 76، والبغوي 2/ 333، وزاد المسير 3/ 347 - 348.
(¬7) في ع وب: تزيغ.
(¬8) ينظر: زاد المسير 3/ 348، وتفسير القرطبي 8/ 280 - 281.
(¬9) في ب: تخلف.
(¬10) في ع وب: بخمسين.
(¬11) ينظر: تفسير غريب القرآن 193، والكشاف 2/ 318، وزاد المسير 3/ 348.
(¬12) ينظر: التبيان في تفسير القرآن 5/ 317، والكشاف 2/ 318، وتفسير القرطبي 8/ 287.
(¬13) في ك: سمى.
(¬14) ينظر: تفسير غريب القرآن 193، وتفسير الطبري 11/ 77، والبغوي 2/ 337.
(¬15) في ك: ومحبته، وهو تصحيف.

الصفحة 802