كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 2)
الموصول، وقد ينقلب حرف شرط. قال [من الكامل] (¬1):
استغن ما أغناك ربّك بالغنى … وإذا تصبك خصاصة فتجمّل
والجواب قوله: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ،} شقيّ: محروم مكدود، وسعيد: محظوظ مجدود.
عن (¬2) عمر بن الخطّاب، قال: لّما نزلت (¬3) هذه الآية، سألت النّبيّ عليه السّلام فقلت: يا نبيّ الله، فعلى ما نعمل؟ على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه (¬4)؟ فقال: «بل على شيء فرع عنه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كل ميسر لما خلق له». (¬5)
106 - {زَفِيرٌ:} صوت الصّدر. {وَشَهِيقٌ:} صوت الحلق، وكلاهما من أصوات المكروبين. (¬6) ويحتمل: أنّ هذا في نهيق الحمار. (¬7) ويحتمل: هذا في القبر، كقوله تعالى: {النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر:46]، وقوله عليه السّلام: «القبر روضة من رياض الجنّة، أو حفرة من حفر النّيران» (¬8).
107 - {ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ:} يحتمل: كون أنفسهم اللطيفة في النار قبل مجيء القيامة، وانفطار السّماء، وتبدّل الأرض، وبعثرة ما في القبور (¬9)، والاستثناء حالة الرّقدة والصّعقة. ويحتمل: أنّ المراد بالسّماوات: سقوف النّار ودركاتها، والاستثناء حالة العرض والحساب، (162 و) أو حالة عقوبة الاستهزاء. ويحتمل: أن المراد ببقاء السّماوات والأرض: بقاء أجزائهما لا بقاء تآليفهما، ولا دلالة على فناء الأجزاء المتلاشية بعد الوجود، والاستثناء حالة الدّنيا. وقيل: جرى مجرى الأمثال (¬10)، كقولهم: لا آتيك سنّ الحسل (¬11)،
¬_________
(¬1) القائل: عبد قيس بن خفاف البرجمي التميمي. مغني اللبيب عن كتب الأعاريب 1/ 128 و 131 و 2/ 916، والمفضليات 385، والتنبيه والإيضاح عما وقع في الصحاح 1/ 136، وشمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم 218،1177،1673.
(¬2) ك: وعن.
(¬3) ك: أنزلت.
(¬4) الأصول المخطوطة: عنه، هي والتي قبلها، والتصحيح من كتب التخريج.
(¬5) أخرجه الترمذي في السنن 5/ 270، وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث عبد الملك بن عمرو، وعبد بن حميد في مسنده 1/ 36، والهيثمي في مجمع الزوائد 7/ 194، وابن حبان في الصحيح 1/ 312.
(¬6) ينظر: الغريبين 3/ 822، ولسان العرب 10/ 191.
(¬7) ينظر: الغريبين 2/ 822، ولسان العرب 10/ 191، واللباب في علوم الكتاب 10/ 556.
(¬8) جزء من حديث طويل، أخرجه الترمذي في السنن (2460)، والطبراني في المعجم الأوسط (8613)، والمنذري في الترغيب والترهيب 4/ 118 و 119، وكشف الخفاء 2/ 118.
(¬9) ك: بعثرت القبور، بدل (بعثرة ما في القبور).
(¬10) تفسير البغوي 4/ 200، وزاد المسير 4/ 123، وفتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن 194.
(¬11) مثل يضرب على عدم القدوم مطلقا، لأن الحسل ابن الضب وهو يعمر طويلا. ينظر: أدب الكاتب 1/ 128، وجمهرة الأمثال 415، والمستقصى في أمثال العرب 2/ 244.