كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 2)

الله عنه، فذكرت له ذلك، فقال: استر على نفسك، وتب. فأتيت عمر، رضي الله عنه، فذكرت له ذلك، فقال: استر على نفسك، وتب، ولا تخبر أحدا، ولم أصبر، فأتيت (¬1) النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فذكرت له ذلك، فقال: «أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا؟»، حتى تمنّى أنّه لم يكن أسلم تلك إلا السّاعة، حتى ظنّ أنّه من أهل النّار. وأطرق رسول الله عليه السّلام طويلا (¬2) حتى أوحى الله (¬3) إليه: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ. . .} الآية، قال أبو اليسر: فأتيت رسول الله، فقرأها عليّ، وقال أصحابه: يا رسول الله، ألهذا خاصّة أم للنّاس عامّة؟ قال: «بل للنّاس عامّة» (¬4).
وروى الكلبيّ (¬5)، عن أبي صالح (¬6)، عن ابن عبّاس، رضي الله عنهما: أنّ الآية نزلت في عمرو بن غزيّة الأنصاريّ (¬7)، وكان يبيع التّمر، فأتته امرأة تبتاع منه تمرا، فأعجبته، وقال: إنّ في البيت تمرا أجود من هذا، فانطلقي حتى أعطيك منه، قال: فانطلقت معه المرأة، فلمّا دخلت المرأة بيته، فوثب إليها، فلم يترك شيئا مما يصنع الرّجل بالمرأة إلا وقد فعله، إلا أنّه حذف، ولم يجامعها، (163 و) وحذف (¬8) شهوته، فلما حذف شهوته، ندم على ما صنع بالمرأة، فاغتسل، ثمّ أتى النّبيّ عليه السّلام يسأله عن ذلك؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما أدري ما أردّ عليك؟ حتى يأتيني فيك شيء من الله». قال: فبينما هم كذلك إذ (¬9) حضرت العصر، فلمّا فرغ من صلاته نزل جبريل عليه السّلام بتوبته، فقال: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ. . .} الآية. فقرأها رسول الله من القرآن، فقال عمر بن الخطّاب: أخاصّ أم عامّ؟ قال: «لا، بل عامّ». (¬10)

116 - {أُولُوا بَقِيَّةٍ:} أولو بقاء على أنفسهم؛ لتمسّكهم بالدين. (¬11) ويحتمل: بقيّة
¬_________
(¬1) ك: فأتينا.
(¬2) ساقطة من ك.
(¬3) ساقطة من ك.
(¬4) أخرجه: الترمذي في السنن (3115)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والطبراني في الكبير 19/ (371)، وابن كثير في جامع المسانيد 14/ 749.
(¬5) أبو النضر، محمد بن السائب بن بشر الكلبي، المفسر العلامة الإخباري، متروك الحديث، توفي سنة 146 هـ‍. ينظر: التاريخ الكبير 1/ 101، والجرح والتعديل 7/ 270، ووفيات الأعيان 4/ 309.
(¬6) ذكوان بن عبد الله، مولى أم المؤمنين جويرية الغطفانية، كان من كبار علماء المدينة، توفي سنة 101 هـ‍. ينظر: التاريخ الكبير 3/ 260، والجرح والتعديل 3/ 450، وتذكرة الحفاظ 1/ 89.
(¬7) أبو حبة، عمرو بن غزيّة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري المازني. ينظر: الاستيعاب 3/ 1197، وتهذيب الأسماء 2/ 23، والإصابة 3/ 10.
(¬8) (ولم يجامعها وحذف) ساقطة من ك.
(¬9) الأصل وك: إذا.
(¬10) ينظر: أسد الغابة 4/ 125، وقال ابن حجر في الإصابة 3/ 10 بعد أن ذكر القصة مختصرة: انفرد الكلبي بتسميته غزية بن عمرو.
(¬11) تفسير غريب القرآن 210.

الصفحة 117