كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 2)

وقصّا عليه الرؤيا. قيل: إنّ الساقي قال: إنّي أرى وأنا (¬1) في بستان، فإذا أنا بأصل حبلة (¬2) عليها ثلاث عناقيد عنب، فقطعتها، وكان كأس الملك بيدي، فعصرتها فيها، وسقيتها (¬3) الملك، فشربه، فقال يوسف: نعم ما رأيت، أما العناقيد الثلاث، فإنّها ثلاثة أيّام تبقى في السجن، ثم يخرجك الملك اليوم الرابع، وتعود إلى ما كنت عليه. فقال الخبّاز: إنّي أراني وفوق رأسي ثلاث سلال في أعلاها الأطعمة، وإذا سباع الطير تقع (¬4) عليها، فتأكل منها. قال يوسف: أما السلال الثلاث، فثلاثة أيّام تبقى في السجن، ثم يخرجك الملك، فيصلبك، فتأكل الطير من رأسك، فقال: إنّي لم أر شيئا، وإنّما كنت ألعب، فقال يوسف: إن رأيتما رؤياكما، أو لم ترياها (¬5)، فقد قضي الأمر الذي فيه تستفتيان. (¬6)
و (العصر): استخراج المائع من الشيء بالغمز، وإنّما سمي العنب خمرا لأنّه يؤول إليها.
{مِنَ الْمُحْسِنِينَ:} لعلم التعبير.

37 - وقول يوسف: {لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ. . .} الآية، ليس بجواب عن سؤالهما، ولكنّه دعوة نبوّته، وإظهار المعجزة، فإنّ ذلك عند وجود الفرصة كان أوجب عليه، وأهمّ عنده من تعبير الرؤيا، فلذلك ابتدأ به. (¬7)
{بِتَأْوِيلِهِ:} الضمير عائد إلى ما رأياه وسألاه. (¬8) وقيل: إلى الطعام. (¬9) فإن أخذنا بالقول الأوّل، ففائدته سرعة الجواب، وذلك لا يكون إلا بوحي إلهي، فإنّ المستنبط يحتاج إلى تأمّل واستخراج، وإن أخذنا بالقول الثاني، فهو كقول عيسى عليه السّلام: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ} (¬10) [آل عمران:49]، في محلّ الرفع (166 ظ) لإسناد الإتيان إليه، أو للابتداء وخبره.
ثم أخبر أنّ المعجزة النبوية مختصة بأولياء الله لا يؤتيها الكاذبين؛ لئلا يلتبس النبيّ بالمتنبي،
¬_________
(¬1) ع: أني.
(¬2) الحبلة: بفتح الحاء والباء وربما سكّنت، الأصل أو القضيب من شجر الأعناب. النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 334، وينظر: الفائق 1/ 254.
(¬3) أ: فسقيت.
(¬4) ع: تأكل.
(¬5) ع: تراها.
(¬6) ينظر: قصص الأنبياء 108، حاشية زادة 5/ 34، وفتح البيان 6/ 333، وفتح القدير 3/ 36.
(¬7) ينظر: معاني القرآن وإعرابه 3/ 110.
(¬8) ينظر: تفسير البيضاوي 3/ 163.
(¬9) ينظر: تفسير الطبري 7/ 215، وتفسير الوسيط 2/ 613، والمحرر الوجيز 7/ 509، وتفسير الخازن 2/ 528.
(¬10) ك: زيادة قوله: فِي بُيُوتِكُمْ.

الصفحة 131