كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 2)
وخرجوا من عنده، ثم أمر الوكيل بتجهيزهم، ودسّ بضاعتهم في أحمالهم وهم لا يعلمون، وقال لهم: {اِئْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ} ووعدهم على ذلك إيفاء الكيل، وحسن القرى. (¬1)
60 - {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي} (¬2): هذا وعيد من يوسف عليه السّلام، وإنّما عطف المجزوم على المرفوع حكما لحسن دخول الفاء الموجبة للرفع على هذا المجزوم (¬3).
62 - {فِي رِحالِهِمْ:} جمع رحل، وهو ما ترحل به الدابة من بيت أو أثاث أو طعام.
{لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها:} يميزونها من سائر ما في رحالهم إذا فتحوا، فلا يتعذر عليهم الرجوع، لإعواز البضاعة.
64 - {قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ:} ذكّرهم حديث يوسف عليه السّلام؛ ليعلم أنّ جريمتهم الأولى حرّمت تهمتهم في سائر الأمور، فيندموا (¬4) عليها، ولا يقدموا على مثلها.
65 - {ما نَبْغِي:} بمعنى الاستفهام، أي: أيش نطلب بعد هذا؟ وقيل: التمسوا بضاعة للرحيل، فلم يقدروا عليها، ثم فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم الأولى ردّت إليهم، فقالوا: يا أبانا وجدنا الذي كنا نبغيه. (¬5)
{نَمِيرُ أَهْلَنا:} نجلب إليهم الميرة، يقال: مار فلان أهله.
{وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ:} لأن يوسف عليه السّلام ما كان يكيل رجلا واحدا إلا حمل بعير واحد، وذلك إشارة إلى ما حملوه، فيكون اليسير القليل. ويحتمل: أن يكون إشارة إلى ما ازدادوه، فيكون اليسير سهل المأخذ.
66 - {مَوْثِقاً مِنَ اللهِ:} من الحلف بالله، وفيه دلالة على صحة الكفالة بالنفس.
{إِلاّ أَنْ يُحاطَ:} يحيط بكم أمر من الله تعالى فيعذركم.
{وَكِيلٌ:} المتوكل عليه على حفظ ميثاقنا، أو الشهادة على هذا الميثاق موكولة (¬6) إليه،
¬_________
(¬1) ينظر: تفسير الطبري 7/ 159.
(¬2) محذوفة من أ.
(¬3) (حكما. . . المجزوم)، ساقطة من ع.
(¬4) ع: فيتقدموا.
(¬5) ينظر: التفسير الكبير 11/ 148، والمحرر الوجيز 8/ 18، وتيسير التفسير 6/ 180، وتفسير النسفي 2/ 122.
(¬6) ع: من له.