كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 2)

{تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها} [يس:38].

3 - {رَواسِيَ:} هي الجبال الرّاسية، جعلها الله تعالى للأرض كالأوتاد، فهي من السهلة بمنزلة العصب، والعظم من اللحم؛ ليعتمد الرخو الصلب، فلا تنحلّ، والصعيد والأرض يتناول السهل والجبل.
{زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ:} الذكر والأنثى.
إن كان المراد بالثمرات ثمرات النفوس، والمتشابهات: المتجانسات. وإن كان ثمرات النبات، ووجه التأكيد: نفي التوحيد، كما في قوله: {لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اِثْنَيْنِ} [النحل:51].
ويحتمل: أنّ المراد بالزوجين اثنين: الرطب واليابس، أو الجيد والرديء، أو المستطاب والمستبشع، أو الربعيّ والحرفيّ، أو ما يصلح للناس والدواب.

4 - {قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ:} عرصات متلاصقات، وفائدتها: الامتنان، أو التنبيه على لطف الصّنعة في المخالفة مع طبائعها، مع قرب المجاورة في حقّ الطوالع والغوارب، والرياح والأمطار.
{صِنْوانٌ:} جمع صنو: مثلها النابت من أصلها. والفائدة في ذكر الصنوان، وغير الصنوان الامتنان بالنوعين، أو التنبيه على أنّ الفرع معدوم وموهوم، أو مظنون.

5 - {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ:} عجبوا لبعده عن قياس العقل.
{أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ:} أي: إنّا لنبعث في خلقة جديدة.
{أُولئِكَ:} إشارة إلى المتعجبين.
{الْأَغْلالُ:} جمع غلّ، وهو طوق أسر وصغار، والمراد به الذنوب، والذي أعدّ لهم من أغلال النار في دار القرار.

6 - {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ:} بإكفار قبل الإيمان لمن قدّر له الإيمان، وقبل امتياز الخبيث من الطيب، وليس ذلك من سنة الله (172 و) تعالى؛ لأنّه (¬1) {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ} والأشباه، والنظائر، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً} [الأحزاب:62]؛ لأنّ الأمم لم يهلكوا إلا بعد امتيازهم من المؤمنين.
عن ابن المسيب (¬2) قال: لّما نزلت {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ. . .} الآية، قال عليه السّلام:
¬_________
(¬1) ساقطة من ع.
(¬2) أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي، سيد التابعين، توفي سنة 94 هـ‍. ينظر: المعارف 437، وتهذيب الكمال 11/ 66، والعبر في خبر من غبر 1/ 82.

الصفحة 148