كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الفكر (اسم الجزء: 2)

وكذا أنزل علينا لآمنّا، أو كان المؤمنون قالوا على سبيل الاشتهاء والحرص: لو أنّ قرآنا كذا وكذا أنزل إلى (¬1) هؤلاء المشركين لآمنوا.
{سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ:} نحّيت عن مواضعها لبرز ما تحت الأرض.
{أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ:} السير فيها على غير العادة، والتشديد للتكثير والتّكرار. وقيل:
تفجير الينابيع والقنوات والأنهار فيها.
{أَفَلَمْ يَيْأَسِ:} أفلم يعلم؟ وقال الفراء: أفلم يقنط؟ (¬2)
{قارِعَةٌ} (174 و): مصيبة وداهية، مثل: يوم بدر، وهلاك المستهزئين والقحط.
{أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ:} بدر الصغرى، وافتتاح خيبر وفدك، وغزوة المريسيع والحديبية، ونحوها.
{وَعْدُ اللهِ:} فتح مكّة.
ويحتمل: أنّ المراد بالقوارع: إغارة خالد بن الوليد (¬3)، والمثنى بن حارثة (¬4)، وسعد بن أبي وقاص (¬5) على تخوم أرض العجم، وإغارة خالد (¬6)، وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهما على أطراف نواحي الروم، وإغارة سائر الغزاة على سائر أطراف بلاد الترك، وحلولها قريبا من دارهم، شحن الثغور بترتيب الجيوش فيها، ووعد الله أن يتمّ نوره، ويظهره على الدين كلّه، ولو كره المشركون.

33 - {أَفَمَنْ هُوَ:} حذف جوابه اكتفاء؛ لأنّه يدلّ على الخبر بصفته، تقديره: أفمن هذه صفته، كمن ليست هذه صفته، أو: أفمن هذه صفته خير وأحقّ بأن يعبد أم من ليست هذه صفته، كقوله: {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ} [الزمر:9] بالتخفيف.
{قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ:} هو تولّي كلّ نفس بتمكينه من كسب ما خلق له،
¬_________
(¬1) ع: على.
(¬2) أنكر الفراء في كتابه معاني القرآن 2/ 63 - 64 أن يكون يئس بمعنى علم على ما عليه كثير من أهل اللغة والتفسير، وأنه لم يسمع أحد من العرب يقول: يئست بمعنى علمت. وينظر: البحر المحيط 5/ 392.
(¬3) أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، سيف الله المسلول، توفي بحمص سنة 21 هـ‍. ينظر: معجم الصحابة 1/ 247، ورجال مسلم 1/ 182، وتهذيب التهذيب 3/ 124.
(¬4) المثنى بن حارثة بن سلمة الشيباني، توفي سنة 14 هـ‍ قبل القادسية. ينظر: مشاهير علماء الأمصار 36، والإصابة 1/ 361، وموسوعة حياة الصحابة 6/ 3261.
(¬5) أبو إسحاق سعد بن مالك بن وهيب القرشي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، توفي بالعقيق سنة 50 هـ‍. ينظر: الكنى والأسماء 1/ 33، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 213، وموسوعة حياة الصحابة 3/ 1243.
(¬6) ك: خالد بن الوليد.

الصفحة 155