16 - {مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ:} أي: هو على شفا حفرة (¬6) (175 ظ) منها، ومآله إليها.
{مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ:} ممتزج من القيح والدّم، ووصف الماء به لمعنيين: التشبيه أنّه ما أنتن وتكدّر بالإحماء (¬7) والغلي، والعرب تسمّي الماء الحارّ بالشمس: صديدا، والثاني: اعتبار حقيقة العنصر، فإنّ اسم الماء يشتمل على جنس المياهات بهذا (¬8) الاعتبار، ألا ترى سمّوا النطفة ماء؟
17 - {يَتَجَرَّعُهُ:} يتكلّف الشرب قليلا قليلا، جرعة جرعة.
{وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ:} يستوخمه (¬9) المتجرع، ولا يكاد يستمريه للتضاد، وعدم الإيجاد، ثمّ تقبله الطبيعة قهرا لعجزها (¬10) عن دفعه، فيفسد المزاج، ولا علاج.
{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ:} أي: تعرض له أسباب الموت من كلّ جهة، وفي كلّ عضو وعرق، ولا يموت لوجوب الخلود في النار ذات الوقود.
{مِنْ وَرائِهِ:} سوى هذا العذاب {عَذابٌ غَلِيظٌ.}
18 - {مَثَلُ الَّذِينَ:} أي: هذا مثل الذين كفروا على سبيل ترجمة، والفصل في الكتاب، كقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [الرعد:35]. وقيل: إنه مبتدأ، وقوله: {أَعْمالُهُمْ} خبره بإضمار أنّ أعمالهم الحسنة التي وقعت لا لوجه الله. (¬11)
¬_________
(¬1) ع: كقولهم.
(¬2) ينظر: تفسير مجاهد 334.
(¬3) ينظر: تفسير الصنعاني 2/ 341، ومعاني القرآن للنحاس 3/ 521.
(¬4) الأصل وك وأ: فأت، وفي ع: به.
(¬5) ينظر: تفسير الطبري 7/ 428، وتفسير القرطبي 2/ 27، وتفسير ابن كثير 2/ 527 عن عبد الرحمن بن زيد.
(¬6) (هو على شفا حفرة)، ساقطة من أ.
(¬7) أ: بالأحجار.
(¬8) ك: هذه.
(¬9) أي: يستثقله، ينظر: المجموع المغيث 3/ 396، والصحاح 5/ 2049، ولسان العرب 12/ 631.
(¬10) ك: لمعجزها.
(¬11) ينظر: التبيان في إعراب القرآن 2/ 67.